الاعتذار عن الوعد ضرورة

بي دي ان |

02 نوفمبر 2021 الساعة 12:06ص

اليوم الثلاثاء الموافق الثاني من نوفمبر 2021 تحل الذكرى ال104 لوعد بلفور المشؤوم، ذلك الوعد، الذي أتاح لمن لا يملك الا أطماعه وأهدافه وعصاه الاستعمارية وتغوله وتوحشه، ان يعطي لمن لا يستحق، ولمن ليس له وجود في الأرض الفلسطينية العربية، ولم يشكل يوما في التاريخ نواة شعب، ولم يكن اكثر من قبائل متناثرة في ارض الله الواسعة.  
نعم ذلك الوعد الخبيث والخطير، الذي اعلن عنه بلفور، وزير خارجية بريطانيا عام 1917 لمنظمات صهيونية موزعة التواجد في العديد من دول أوروبا الغربية والشرقية بالإضافة لروسيا القيصرية، التي كانت تتمركز فيها القبيلة الثالثة عشر، قبيلة الخزر، التي استقرت مجموعات منها في تلك الدول، كان وعدا جائرا، ولكنه جزء من المخطط الاستعماري.
وهنا يبرز السؤال لماذا تنطحت بريطانيا العظمى لاطلاق ذلك الوعد البغيض والاجرامي واللا إنساني واللا أخلاقي، والمتناقض مع ابسط معايير القوانين الوضعية والدينية للعصابات الصهيونية لبناء وطن للصهاينة الخزرعلى ارض شعب كان تواقا للحرية والاستقلال اسوة بشعوب الأرض قاطبة، ارض ووطن الشعب العربي الفلسطيني؟ أولا لان بريطانيا كانت آنذاك تتبوأ مكانة الزعامة في المنظومة الانغلو سكسونية، وهي صاحبة الباع الطويل والمقرر فيها، ولم يكن للولايات المتحدة الأميركية المكانة، التي تحتلها الان، رغم انها كانت ومنذ البداية مع كل دول أوروبا بما في ذلك الفرانكوفونيين شريكة في الجريمة الابشع في التاريخ البشري المعاصر؛ ثانيا تطبيقا لقرار مؤتمر كامبل نبرمان 1905/ 1907 الذي أوصى بانشاء وزرع شعب غريب عن الشعب العربي بهدف تفتيت الوطن العربي، ونهب ثرواته وطمس مشروعه القومي النهضوي؛ ثالثا للتخلص من الغيتوات اليهودية، والمسألة اليهودية برمتها وحذفها على ظهر الشعب العربي عموما، وعلى الفلسطينيين خصوصا بسبب موقعهم الاستراتيجي في مركز الوطن العربي. رغم ان العرب تاريخيا كانوا هم الحاضنة والراعية الأساس لليهود بما فيهم يهود الخزر عندما تعرضوا للاضطهاد الأوروبي قبل الخروج العربي من الاندلس وبعده، ومع ذلك لم يسلم العرب عموما واشقائهم الفلسطينيين خصوصا من جرائم وانتهاكات اليهود الصهاينة، الذين تنكروا لمن احسن اليهم، وآواهم من جرائم ووحشية الدول الأوروبية، لا بل انهم فَجروا في غيهم وعدوانيتهم وجرائم حربهم، التي مازالت تجري على ارض فلسطين المغتصبة حتى يوم الدنيا هذا.
ومع ذلك تبقى المسؤولية المركزية بالإعلان عن الوعد المشؤوم، وما قامت به دولة الانتداب لاحقا في تسهيل هجرة اليهود الصهاينة، وتأمين حمايتهم، وتسليحهم وتدريبهم، وسن القوانين الكفيلة بتأمين مقومات بناء ركائز دولة المشروع الكولونيالي الغربي الرأسمالي الصهيوني، وتسليمهم الوطن الفلسطيني بعد انسحابهم منه في اعقاب الهزيمة في الحرب العالمية الثانية 1939 / 1945 تحت ذرائع واهية، ودون حتى ان تؤمن تطبيق وتنفيذ قرار التقسيم الاممي 181 الصادر في 29 نوفمبر1947 على الأرض، وتركت الأمور على عواهنها وفق خطة منهجية لترسيخ سيطرة العصابات الصهيونية على الأرض الفلسطينية، وحتى الحرب العربية الرسمية الوهمية آنذاك 1948 ضد العصابات الصهيونية كانت وفق خطط وسيناريوهات بريطانيا غير العظمي والمهزومة، رغم تقديم ابطال العرب من الجيوش المختلفة تضحيات جسام دفاعا عن ثرى فلسطين، كل هذا الموبقات والانتهاكات الخطيرة والمصائب تقع على عاتق دولة صاحبة الجلالة البريطانية، ولهذا عليها وحدها تقع مسؤولية الاعتذار عن اعلان ذلك الوعد المشؤوم، والاعتراف بالجريمة البشعة التي ارتكبتها ضد الشعبب العربي الفلسطيني، ليس هذا فحسب، انما والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، ودفع دول أوروبا عموما والانغلو ساكسونيين خصوصا للاعتراف أيضا بالدولة الفلسطينية، وتعويضهم عما لحق بهم من جرائم وانتهاكات على مدار 104 أعوام من ذلك الوعد اللا اخلاقي، والمعادي للإنسانية كلها وللقوانين والشرائع الدولية.
لكن حكومات دولة الجلالة لم ولن تتراجع عن خيارها الاستعماري، لا بل انها كل عام تعلن بوقاحة شديدة عن دفاعها عن إعلانها الاجرامي، ولم تحاول النزول قيد انملة عما بذرته من شجرة سامة في المنطقة وعلى ارض فلسطين العربية، رغم وجود قطاعات واسعة من مختلف الأحزاب البريطانية وخاصة حزب العمال، والنواب والنخب السياسية والثقافية الداعمة لخيار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتعلن على الملأ رفضها للوعد القذر. لكن رسميا لم يحدث أي تطور، ولو نقلة متواضعة في السياسة البريطانية، لانها فضلا عن موقفها التاريخي، مازالت جزء لا يتجزأ من المنظومة الانغلوساكسونية التي تقودها الولايات المتحدة، وهي شريك أساسي في التآمر على القضية الوطنية الفلسطينية، وهو ما يستدعي العمل الحثيث مع كل النخب والقوى السياسية البريطانية والأوروبية الداعمة للسلام ولخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 للضغط على حكومة جونسون للاعتذار والاعتراف والتعويض عن المصائب والنكبات، التي اصابت ومازالت تصيب الشعب العربي الفلسطيني حتى اللحظة.
[email protected]
[email protected]