قهر السجان لم ينته بعد..

الأسيرة نسرين أبو كميل تعانق حرية منقوصة وتمنع من العودة إلى حضن الأبناء بغزة

بي دي ان |

17 أكتوبر 2021 الساعة 11:53م

لمدة ست سنوات أمضتها في معتقل "الدامون"، حُرمت الفلسطينية الأسيرة نسرين أبو كميل "46 عامًا"،  من احتضان أبنائها السبعة. 

ومقابل رزنامة زمنية تحمل أعداداً مرتبة تنازلياً من مائة إلى واحد، معلّقة على جدار منزل عائلتها على مدار السنوات السابقة، تسمّر أطفال "أبو كميل"، صباح كل يوم ليشطبوا رقم اليوم الذي مرّ، وعيونهم تصبو إلى الرقم الذي يحمل "معاني الحرية واللقاء المرتقب" منذ سنوات. 

ومع شطب رقم تلو الآخر يوماً بعد يوم فقط، لتتنسم "أبو كميل" عبق الحرية بعد قضاء فترة محكوميتها في السجن، البالغة ست سنوات. 

وبإطلاقهم العنان خلال هذه السنوات، لمخيّلتهم في تصور طبيعة اللقاء الأول  بوالدتهم التي حرموا من زيارتها طوال فترة سجنها، بينما كان قد أُتيح لهم سماع صوتها الخافت عبر اتصال هاتفي بين الفينة والأخرى. 

وكل هذا الترقب الدائم الذى كانوا يعيشونه، وبشوقً كبير وفرحة ذابلة، وبلقاء يعد الأثقل والأصعب على زوج نسرين، حازم أبو كميل (50 عاما)، وأبنائها فراس وفارس وأميرة وملك وداليا ونادين وأحمد، إذ أنهم لم يهنأوا بحضنها واستقبلونها عبر تطبيقات الاتصال المرئي، بعد طي صفحة الاعتقال ومرارته من حياتها ، وإطلاق سراحها من السجون الإسرائيلية.

ولكن الدموع على وجنتي الأسيرة أبو كميل، سبقت الكلمات، ولكن مكان هذه الدموع حلت الزغاريد وصوت الفرحة في غزة.

 وبصوتها المخنوق بالدموع، نادت أبو كميل ابنها البكر فراس وآخر العنقود أحمد الذي كان بعمر 8 أشهر عند اعتقالها، ولوحت له بيدها.

أما عن ابنتها الكبرى أميرة، فكانت في عمر 11 عاما عند اعتقال والدتها، وإليها أسندت مهمة رعاية أشقائها ووالدها في غياب الأم القسري بالسجون الإسرائيلية.

وبعد تنسمها للحرية، تقول الأسيرة المحررة، أبو كميل،: "أتمنى أن ألتقي أولادي اليوم. أطالب بالذهاب إلى غزة. لم أرى أبنائي وبناتي منذ ست سنوات، باستثناء الصور وأصواتهم عبر الإذاعة". 

وتضيف: "بدأت ثلاث أسيرات إضراباً عن الطعام تضامناً مع الأسرى كمرحلة أولى. وفي المرحلة الثانية، سيطالبن بالتضامن معهن والدعاء لهن". 

وتتابع "الأسيرات قويات كثيراً، وإن شاء الله يكون التضامن معهن من كل النواحي. منى قعدان، أمل طقاطقة، وشتيلا أبو عيادة بدأن الإضراب عن الطعام اليوم من سجن الدامون، وهذه رسالتهن، ويقلن إن همتهن قوية. الأسيرات قويات". 

وبعد عملية النفق التي نفذها الأسرى الستة، تؤكد نسرين أن: "وضع الأسيرات بات صعباً جداً. أصبحت العقوبات أكثر وهناك تفتيش دائم حتى عند منتصف الليل. القيود على الجميع ولا يوجد معاملة مختلفة للأسيرات".

وفي الوقت ذاته، وعلى الجانب الآخر، في شق الوطن الثاني، غزة ، قال زوج الأسيرة نسرين، أبو فراس أبو كميل: "هذا يوم فرح. سنسمع صوتها والزغاريد، حتما سوف تعود إلى غزة". 

ورغم بُعدها القسري عن عائلتها، إلا أنه قبالة سجن "الدامون" عاشت الاسيرة المحررة أبو كميل نشوة الحرية مع العديد من نشطاء وناشطات "حراك حيفا" وجمعية "طالعات"، الذين استقبلوها بالزغاريد والأهازيج الوطنية، مرددين "يا نسرين إحنا معاكِ.. الحرية بتسنتاكِ".

وفي ذات السياق، امتنعت وزارة الاحتلال الإسرائيلي عن إصدار تصريح يتيح لها الدخول إلى غزة، ولم شملها بأفراد عائلتها الذين حُرمت من زيارتهم طوال سنوات الأسر.

وستحلّ أبو كميل ضيفة في مدينتها حيفا إلى حين اجتماعها بزوجها أبنائها في القطاع.

وأعربت أبو كميل عن رفضها للإجراءات الاسرائيلية، مؤكدة أنها ستعتصم قبالة معبر بيت حانون "إيرز"، المؤدي إلى قطاع غزة، وستمكث هناك حتى يسمح لها بالعودة لعائلاتها.

وبينت الأسيرة، أن سلطات الاحتلال رفضت طلبها بالعودة إلى قطاع غزة بذريعة أنها تحمل الجنسية الإسرائيلية، وهي الجنسية التي فرضت على فلسطينيي المناطق المحتلة عام 1948.

وعن ظروف اعتقالها ، أكدت أنها ذاقت شتى أصناف العذاب والقهر والظلم داخل المعتقل الإسرائيلي مشيرة أنها لازالت تعاني من كسر بيدها منذ عام 2018، وتحتاج إلى عملية جراحيّة، إذ لم تنتهي حتى الآن العلاج الطبيعي منذ عام 2018.

واعتقلت السلطات الإسرائيلية، "أبو كميل"، في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، لدى مغادرتها غزة عبر حاجز إيرز/ بيت حانون شمالي القطاع، وحكمت عليها في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، بالسجن لمدة 6 سنوات، مع احتساب مدة التوقيف. 

وتنحدر "نسرين" من مدينة حيفا، لكنها متزوجة بفلسطيني من غزة، وتقيم في القطاع منذ زواجها. 

ووجّهت المحكمة الإسرائيلية لـ"أبو كميل"، "تُهما باطلة"، منها تصوير ميناء حيفا بغرض التجسس، خلال آخر زيارة لعائلتها عام 2014.

وخلّفت أبو كميل وراءها 32 أسيرة فلسطينية يحتجزن في ظروف مزرية بسجن الدامون، الأقدم بين السجون الإسرائيلية.

وتعتقل إسرائيل في سجونها نحو 4850 أسيراً، بينهم 41 سيدة، و225 طفلاً، و540 معتقلاً إدارياً (بدون محاكمة)، وفق أحدث إحصائيات لمؤسسات تختص بشؤون الأسرى.