طرفا الانقسام... "خلينا هيك أحسن"!

بي دي ان |

15 أكتوبر 2021 الساعة 02:50م

سقط ملف المصالحة الفلسطينية من التداول، وأُحيل إلى الأرشيف ليعلوه الغبار، مثل كثير من الملفات، التي غالباً ما تُفتح ولا تُغلق على حل.

طرفا الانقسام، وبحسبة بسيطة، يرون أن تكاليف استمراره أقل بكثير من تكاليف إنهائه، ما دام أساس الحسبة مصالح كل طرف وارتباطاته والمزايا التي يحصل عليها أو يفقدها، ووفق هذا الميزان تسيطر مقولة: «خلينا هيك أحسن».

في رام الله اطمئنان للتعامل الإقليمي والدولي مع القيادة، بفعل الشرعية المعترف بها، وفي غزة اطمئنان إلى أن الأمر الواقع يمنح «حماس» حضوراً قوياً في الملفات الساخنة، التي إن لم تسفر عن حلول؛ فهي أكثر من كافية لتثبيت المكانة والدور.

وفي مجال المصالحة المبتعدة، فالطرفان يغطيان مواقفهما بجملة اشتراطات تجعل من مجرد المحاولة أمراً مستحيلاً، وكلما شعر الطرفان بفداحة الاتهام بإدامة الانقسام الذي صار يُستخدم ليس كذريعة، وإنما كسبب فعلي لإضعاف الحضور الفلسطيني على أي مستوى، وفي أي مجال، فلا يجدان من وسيلة للدفاع عن المواقف سوى إظهار الاستعداد بين وقت وآخر للبدء في حوار من نقطة الصفر.

ولإضفاء بعض جاذبية على هذه البضاعة، طُرحت فكرة ترتيب لقاء بين عباس وهنية أو بين الأمناء العامين.
عباس غير مستعد لذلك، أما هنية فما دامت الفكرة تنسجم مع آخر قرارات اتخذتها «حماس» في اجتماعها الموسّع الذي جرى في القاهرة مؤخراً، فإن لقاءً على هذا المستوى يخدم أجندتها ورؤيتها لكيفية التعامل مع منظمة التحرير، أي المشاركة الفعالة في قيادتها والتأثير على قراراتها، من دون أن تلوث يديها بالتزاماتها وتعهداتها.

وإلى جانب العامل الداخلي والتنافس المحتدم بين طرفي الانقسام؛ فهنالك أمر لا يقل أهمية، وهو الضغوط الدولية التي تدعو إلى حكومة موحدة تشكلها «فتح» و«حماس»، إما على أرضية سياسية تلتزم بها الحكومة؛ بما التزمت به منظمة التحرير، وهذا ما يفضله عباس، وهو مرفوض بشدة من قِبَل «حماس»، أو تجاهل الأرضية السياسية لمصلحة جعلها حكومة خدمات، وهذا ما لا يناسب المصلحة الأساسية للشعب الفلسطيني الذي يضع الخدمات على إلحاحيتها في مرتبة ثانية بعد الدور والمهمة السياسية.

ملف الانقسام سيظل مغلقاً تحت عنوان تبسيطي هو التأجيل... ولكن إلى متى؟ لا أحد يجازف بتحديد موعد، ولو تقريبياً، لذلك، فمن هو الذي لديه القدرة العبقرية على جمع كل عناصر التأثير السلبية وتحويلها إلى إيجابية؟ هذا الاستعصاء طويل الأمد، في أمر بالغ الحيوية بالنسبة للشعب الفلسطيني وقضيته السياسية، تجري في ظله، وربما ليس بسببه استعصاءات قاتلة أنتجت تراجعاً مأساوياً ومتسارعاً في حياة الغزيين الذين تضاعفت أعداد طالبي تصاريح العمل في إسرائيل منهم. أما في حياة أهل الضفة؛ فكل يوم يُفاجأ الناس بقضية مقلقة، آخرها ما نُشِر من تقرير تفصيلي صدر عن هيئة الرقابة في السلطة، يشير إلى أن الخلل فادح والمعالجة إن لم تكن معدومة، فهي متواضعة.

أضاعت الطبقة السياسية الفلسطينية فرصة ثمينة توفرت حين وافق الجميع على الانخراط في انتخابات عامة، أما الآن فمَن يتحدث في هذا الأمر أساساً؟!