العراق للعراقيين

بي دي ان |

15 أكتوبر 2021 الساعة 01:51م

كلمتان مختصرتان تُلَخِصان تاريخ الشعوب في تصديها للاستعمار عبر الزمن الممتد، فنهاية كل احتلال مهما طغى وتجبر سواءً استمر حقبًة او ردهًا من الزمن فنهايته الحتمية الزوال والاندثار، وما المكاسب التي يحققها المحتلون ما هي إلا كسرابٍ بقيعٍة ،فما أن يواجه المستعمر نفسه بالحقائق يجد أنَّ كل ما جناه عبر سني احتلاله قد تبدد وذهب أدراج الرياح، والشواهد على ذلك ممتدة عبر التاريخ وما عراق العروبة عن هذا ببعيد، فقد وَلَّت أميركا بقضها وقضيضها وبقي العراق والعراقيون، وسيمضي كذلك الطامعون الطائفيون، فمنذ أيامٍ قِلَال انتهت جولة الانتخابات البرلمانية العراقية، وظهرت المؤشرات الأولية للنتائج والتي أرسلت رسالة واضحة لا لَبْسَ فيها ولا ضباب بأنَّ الشعب العراقي يتطلع إلى العيش بأمان دون احتلال ولا ارهاب، فلفظ عبر صناديق الانتخابات الميليشيات المسلحة التي قتلت الشعب وأفقرته باسم الطائفية والمذهبية والذين يرفضون بالضرورة ابقاء السلاح في يد الدولة فقط حفاظًا على مشروعهم الفئوي والطائفي، فقد منح العراقيون ثقتهم لمن يريد العراق موحدًا لا شرقيًا ولا غربيًا، لمن يريدوا أن يَروْا في العراق حكومة موحدًة من الشعب وللشعب، لمن يحلمون بعراق بلا فوضى ولا فساد، عراق ينعم بالسلم الأهلي، عراق الجيش الواحد والسلاح الواحد، عراق يعود إلى حاضنته الحقيقية في كنف أمته العربية الذي هو جزء أصيل من نسيجها ووجهها الحضاري والديني والإنساني، هذا الجزء الذي مزَّقَته يد الاحتلال الأميركي، وبددت وحدته ونسيجه الاجتماعي مستعينة بالأياد الطامعة والحاقدة والتي استلت سيف الطائفية والمذهبية المقيتة لتحقيق أهدافها، فالعراقيون اليوم يقفون على أعتاب مرحلة جديدة للخروج من آتون الحرب الطائفية، فهل يسمح الخاسرون المُنْكَبون على وجوههم في نار الشعب العراقي الأبي الصامد، هل سيسمح أولئك للعراق بالانطلاق والعمل على بناء الدولة الواحدة الموحدة القوية تحت شعار العراق للعراقيين، وكذلك عبر التكامل الاقتصادي مع محيطها العربي، أم سيكرسون قوتهم للحفاظ على الوضع الراهن القائم على تقاسم السلطة على حساب الشعب، فهل يستطيع العراقيون أن ينتصروا على أنفسهم، ويغادروا عنق الزجاجة، وهنا يظهر تساؤل حقيقي هل تستطيع الدول العربية وخاصة المحيطة بالعراق  توفير الحماية والمساندة الفاعلة لخروج العراق من كبوته من خلال التشبيك الاقتصادي وربط العراق بالمشاريع التنموية الكبرى مثل طريق الشام الذي يربط العراق بالأردن ومصر وأيضًا استثمار الموارد الاقتصادية والبشرية في تلك الدول كخطوة أولى على طريق تحقيق تكتل اقتصادي عربي يشكل مظلة أمان للاستقرار السياسي والأمني في المنطقة والاقليم، وإذا ما أردنا أن نسقط الحالة العراقية على واقع القضية الفلسطينية على الصعيدين السياسي وامتلاك السلاح وانعكاساته على العلاقات الفلسطينية الداخلية ومحاولة كل حشد فيهم أن يمتلك زمام الأمور بيده وفق مكتسباته وتحالفاته وتجيير  المكتسبات العامة لخدمة حزبه، نجد أن هناك تقاطعًا كبيرًا بين الحالة العراقية والحالة الفلسطينية وبغض النظر عن الدخول في تفاصيل التشابه والاختلافات، وعملًا بالقول الشائع أنَّ الشيء بالشيء يُذكر فهل نجد لنا فرصة أن نشاهد أو نرقب مبادرة فلسطينية حقيقية صادقة لا تقوم على أساس تقاسم السلطة على حساب الشعب، دون الانشغال في انتقاء المفردات وتجميلها  كالشراكة أو التوافق لترويج الانقسام والتقاسم فجميع تلك المفردات ما هي إلا مرادفات لذات المعنى المقصود لتقاسم السلطة على حساب القضية والوطن والشعب على حدٍ سواء، و في ذات السياق هل لنا أن نرى خروج أحدٌ من القيادات الفلسطينية يصدح بصوت واضح لا لجلجة فيه ولا اضطراب ولا وجل وبدون حسابات ضيقة فاسدة مُفسِدة، يُسْمِعُنا بكل قوة وإيمان حتى يملأ صدى صوته الأرجاء أنَّ فلسطين للفلسطينيين ردًا على كل من يدَّعي أنه يملك فلسطين وشعبها.