ترامب بلفور الجديد

بي دي ان |

02 نوفمبر 2020 الساعة 12:02ص

تحل اليوم الذكرى ال103 لوعد بلفور المشؤوم، الذي وضع الأسس السياسية والقانونية لإقامة المشروع الكولونيالي الصهيوني على الأرض الفلسطينية. ذلك الوعد الذي اطلقه وزير خارجية بريطانيا، آرثر جيمس بلفور نيابة عن الغرب الرأسمالي عموما عام 1917، لاسيما وان إتفاقية سايكس بيكو البريطانية الفرنسية الإيطالية عام 1916 وضعت فلسطين تحت الوصاية الإستعمارية البريطانية، ضمن عملية تقاسم النفوذ في الوطن العربي بعد هزيمة الأمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى 1914/1917، ووعد به الحركة الصهيونية بإقامة "الوطن القومي لليهود" على ارض فلسطين التاريخية، والذين لم يكونوا بهجراتهم المتوالية اثناء وبعد صدور الوعد، وحتى بعد إقامة دولة وقاعدة المشروع الصهيوني الإستعماري ولا حتى الآن الأغلبية في فلسطين، بل كانوا مجرد أقلية محدودة جدا في فلسطين. رغم نكبات الشعب العربي الفلسطيني المتوالية منذ عام  1948، ولكنها مشيئة القوى الإستعمارية المارقة، التي لا تفقه شيئا سوى منافعها الإستعمارية وعلى حساب الشعوب العربية ودول العالم الثالث.
هذا الوعد الجهنمي، الذي لا اساس قانوني أو سياسي أو ديني له، ولا تحكمه أية معايير اخلاقية او قيمية، انما كان وعدا إستعماريا ذات دلالات خطيرة من زاوية إنتزاع دولة مارقة، هي بريطانيا العظمى آنذاك الحق في التصرف بأرض وحقوق ومصالح شعب آخر، يخضع لإنتدابها وسيطرتها الإستعمارية دون وجه حق؛ ومن زاوية اخرى منح أقلية طارئة، وغير اصيلة، ولا تمت للارض بصلة لا من قريب أو بعيد، وهي المجموعات الصهيونية اليهودية الحق في إستعمار الارض، وإقامة وطن ودولة على انقاض طرد وتشريد ونكبة الشعب العربي الفلسطيني صاحب الارض والتاريخ والجغرافيا.
103 عاما والوعد مازال جاثما بمواصلة المشروع الإستعماري الصهيوني البقاء على حساب السلام ومصالح الشعب الفلسطيني، وبالدعم غير المشروط من قبل دول رأس المال الغربية عموما والولايات المتحدة خصوصا، التي خرجت في ظل ولاية الرئيس دونالد ترامب عن كل السياقات الإستعمارية السابقة، حيث تجاوز ساكن البيت الأبيض من سبقوه في درجات التماهي والتغول الإستعماري مع قوى اليمين الصهيونية اداة صاحب المشروع الأصلي، والتي إنتقلت لدرجة الشريك الصغير بعد هزيمة العرب في حرب حزيران / يونيو 1967. نعم كان إطلاق صفقة العصر والعار الجديدة في السادس من كانون اول 2017 تحولا دراماتيكيا في العلاقة التبادلية بين الإدارة الأميركية والمشروع الصهيوني من جهة، وفي الحرب على الشعب الفلسطيني من جهة أخرى، عندما إعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومن ثم نقل السفارة الأميركية من تل ابيب للعاصمة الفلسطينية في مايو 2018، وتلا ذلك الإعلان رسميا عن صفقته المشؤومة في 28 يناير 2020، والتي أعتبرت بحق، بانها الإستكمال  العملي لباقي بنود الوعد المشؤوم
وهذا ما عبر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي الفاسد، نتنياهو بعد نقل الرئيس ترامب السفارة الأميركية للقدس، عندما شبه تاجر العقارات باللورد بلفور، صاحب الوعد المشؤوم، وبالرئيس الأميركي الأسبق ترومن، لإنه اول من إعترف باسرائيل كدولة، وايضا شبهه بالملك الفارسي، قورش، الذي اعاد يهود المنفى إلى القدس. ولهذا ايضا طالب ايضا البروفيسور، هارولد غولد ماير، استاذ الدرسات السياسية والإقتصادية في جامعة هارفارد، وفي جامعات إسرائيل كل المسيحانيين الصهاينة، والإنجيليين المسجلين في سجل الإنتخابات الأميركية وعددهم ستون مليونا ان ينتخبوا ترامب، او الملك قورش الجديد! الذي اعاد اليهود من المنفى عام ستمائة قبل الميلاد، واعاد بناء الهيكل الثاني. وفق ترجمة توفيق ابو شومر عن صحيفة "أروتس شيفع" في 23/10/2020.
ويزداد ويتضخم التغني ببلفور الجديد ومكانته التاريخية من قبل قادة دولة الإستعمار الصهيونية مع هدمه جدران النظام العربي الرسمي، وجر العديد من الدول للإعتراف بالدولة الصهيونية، وعلى حساب الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية، وفي تناقض صارخ مع مرتكزات مبادرة السلام العربية وقرارات القمم العربية والإسلامية، وحتى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وباطرائهم وتغنيهم بترامب، يحاولون ان يظهروه معزولا عن المشروع الصهيوني، كما ويتناسون ان إدارته الأفنجليكانية وفريقه الصهيوني برئاسة صهره كوشنير، بانهم اصحاب المشروع، حيث تتكامل وتتظافر الجهود بين اداة وسادة الغرب الرأسمالي في تحقيق مصالحهم الإستراتيجية في تدمير الدول العربية كلها، ونفي العرب من دائرة التاريخ والفعل والإستقلال، والحؤول دون بناء مشروعهم القومي النهضوي.
لذا على الوطنيين والقوميين العرب جميعا إعادة نظر تاريخية في برامج واليات عملهم في مواجهة وعد بلفور والمشروع الكولونيالي الصهيوني، ومخططات الغرب الإستعمارية كلها. آن الآوان لإنبلاج عهد وعصر جديد لمواجهة التحديات الإستراتيجية.
[email protected]
[email protected]