خلفيات إخفاء الوثائق

بي دي ان |

13 أكتوبر 2021 الساعة 12:01ص

دولة إسرائيل الاستعمارية تخشى التاريخ والوثائق والحقائق، وتعمل على المستويات كافة السياسية والأمنية والعسكرية على طمس واخفاء أي وثيقة ذات صلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي قبل وبعد النكبة. مع ان الدول الطبيعية المختلفة تقوم عادة بنشر وثائقها بحد اقصى بعد ثلاثين عاما. لأن نشرها لا يشكل أي تهديد لقياداتها، ولا لأمنها ومستقبلها، وتنشرها بهدف الاستفادة الداخلية والخارجية منها في قراءة التطورات، والكيفية، التي عالجت فيها القيادات السابقة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والبيئية والثقافية.
لكن دولة قائمة على التزوير والكذب والافتراء على حقائق التاريخ والجغرافيا كإسرائيل تخشى نشر تلك الوثائق، لأنها ارتكبت أبشع مجازر العصر الموازية والشبيهة بمحارق هتلر النازية ضد اتباع الديانة اليهودية زمن الحرب العالمية الثانية 1939/ 1945، التي نفذتها عصابات الحركة الصهيونية وجيش الموت الإسرائيلي وقطعان المستعمرين ضد أبناء الشعب الفلسطيني وان بأساليب أخرى، لكنها لا تقل بشاعة ووحشية عن محرقة الهولوكست في دول أوروبا. ومازالت جرائم الحرب تتوالى حتى يوم الدنيا هذا.
ولخشية دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية من افتضاح حقيقتها الوحشية، وكشف زيف "ديمقراطيتها" التي تتغنى بها مع اميركا ودول أوروبا المختلفة، لذا قامت بمنع نشر الوثائق ذات الصلة بمجازر ومذابح عصابات الهجاناة وأتسل وليحي والارغون ... وغيرها، فضلا عن مجازر جيش العصابات الصهيونية في الحروب التي شنها على الشعب العربي الفلسطيني والدول والشعوب العربية. ووضعت اللجنة الوزارية ذات الصلة بتعليمات من ديفيد بن غوريون ومناحيم بيغن وغيرهم من رؤساء الحكومات المتعاقبة زمنا ما بين 15 و90 عاما لنشر الوثائق. ولكن هذا الزمن ليس مقدسا، إذا قدر لدولة الاستعمار الإسرائيلية البقاء على قيد الحياة، فلن تنشر اية وثيقة. لا سيما وأنها ومشروعها الاستعماري يعانوا من أزمات حادة وعميقة تهدد مستقبل كل المنظومة الصهيونية ومن وقف خلفها.
وكان معهد "عكافوت" للدراسات نشر تقريرا في العاشر من أكتوبر الحالي (2021) تحت عنوان "إسرائيل مازالت تمنع نشر مستندات تاريخية خاصة بجرائم حرب عام 1948"، استهدف منه خلق رأي عام داخل المجتمع الإسرائيلي للمطالبة بنشر الوثائق ذات الصلة بكل مجازر ومذابح إسرائيل، وليس مذبحة دير ياسين، مع انها احتلت حيزا مهما في التقرير لجهة سبر اغوارها، والكيفية التي تم فيها قتل 110 شهداء من الأطفال والنساء والشيوخ من قبل العصابات الصهيونية.
وتطابق التقرير مع كتاب صدر حديثا للجنرال في الاحتياط، شاؤول أرئيلي حول الاساطير الإسرائيلية، التي تحتوي على بذرة من الحقيقة، وطبقات سميكة من الكذب والافتراء على الوقائع والحقائق، والتي تجعل من مهمة تسوية الصراع مستحيلة، لإن الأجيال الإسرائيلية الصاعدة تعتقد انها ضحية، وان الفلسطينيين مذنبون.
وهو ما يكشف الرغبة العميقة المتنامية في أوساط اليهود الصهاينة المضللين، والذين استيقظوا على حلمهم البشع، واللا أخلاقي، والقائم على الجريمة والإرهاب الدولاني المنظم لدولة "المن والسلوى"، والخروج من دوامة البحث والسؤال عن أسباب ودوافع الصراع الممتد على ما يزيد عن القرن حتى الان، والوقوف على حقائق التاريخ، لإن قطاع لا بأس به وخاصة في أوساط العسكريين والامنيين، فضلا عن الاكاديميين والمثقفين والإعلاميين اكتشف بالتدريج عار الدولة الصهيونية اللا ديمقراطية، لا بل دولة التطهير العرقي الفاشية، والمعادية للسلام والتعايش والتنمية، لأنها تخشى المستقبل.
دولة الأبرتهايد الإسرائيلية هدفت من منع نشر الوثائق تحقيق اكثر من غاية وهدف، منها: أولا مواصلة حملات التضليل والتزوير، وتعويم روايتها المارقة والتي تتنافى مع ابسط حقائق التاريخ؛ ثانيا التغطية على جرائم حربها ضد الشعب العربي الفلسطيني؛ ثالثا الخشية من ردات الفعل في أوساط الصهاينة المضللين؛ رابعا الخوف من الهجرة المضادة، وانكشاف ظهرها امام اتباع الديانة اليهودية في العالم؛ خامسا خشية الرأي العام العالمي، الذي مازال جزءا منه للأسف يتساوق مع الرواية الصهيونية؛ سادسا الخشية من تقديم الوثائق للمحاكم الدولية مثل الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية والمنظمات الأممية لملاحقتها على جرائم حربها ... إلخ
هذه هي الخلفيات من عدم كشف الحقائق والوثائق، لأنها نقيض ما تقوم دولة إسرائيل بتعميمه وتسويقه امام الرأي العام الداخلي والعالمي. ولهذا يفترض العمل على تشكيل مجموعات ضغط إسرائيلية وعالمية لإلزام إسرائيل بفتح الصناديق السوداء المغلقة، والتي مازالت غائرة تحت الأرض او تقبع خلف الاقفال والقيود المشددة.
[email protected]
[email protected]