كلام في الهوا

بي دي ان |

15 سبتمبر 2021 الساعة 08:03م

البغي يصرع أهله .. والظلم مرتعه وخيم.  في العصر الايوبي ازدهر فن الادب الساخر، رغم وطأة الحروب الصليبية، وكان نجم هذا النوع من الأدب هو الاسعد بن مماتي، الذي ألف كتاب " الفاشوش فى حكم قراقوش" الذي يسخر فيه من قراقوش التركي أحد قواد صلاح الدين، والذي اشتهر بالغباء الشديد والقسوة وعدم الاستماع لشكوي الناس، وكان صلاح الدين يسلم إليه مقاليد الحكم حين يغيب عنها فى حروبه، واوراد ابن مماتي في كتابه عنه صورة ساخرة لأحكامه وقراراته التي تتميز بالحماقة والغفلة والبلاهة؛ ويقول المؤرخ ان ابن مماتي لم يؤلف هذا الكتاب لغرض السخرية فقط من ظلم قراقوش وغبائه بل ألفه لنقد حماقاته ونقد تفاهات اشباه المسؤولين وسخافاتهم.

ففي الإعادة إفادة وعلة المعاداة قلة المبالاة. ومن أسلم لغير الكفاءة أعماله ضيع شعبه. وعندم يصل التعفن الى قمته ، فإن التورية ، والتلميح ، تصبح غير فعالة بالمرة. و هذا هو الحالُ للأسف - في اشباه الكيانات التي تعاني من أنظمة حكم غرائبية - وهو حالٌ يملأ النفسَ بالمرارة، ويؤكد أننا بحاجة إلى الكثير كي نموضع  الإدارة الرشيدة  في - شبه - مؤسسات ، ونحولها إلى آلية  عمل، كما يؤكد أننا نرزح في البركة الآسنة للفساد  والانقسام ؛ و هذه الحالة تمثل واحدة من درجات الاضمحلال والخلل الإداري والسياسي ، وتعكس حالة من الخواء والضآلة والتهافت والعنصرية الحزبية التى يمارسها البعض- و هي حالة مركبة للغاية ويمكن أن نكتب عنها وعن درجاتها وتجلياتها المقالات والأبحاث والكتب في السياسة وعلم الاجتماع والإدارة.

فعندما لا يملك المسؤول. مشروعا جادا للتقدم يصبح  عبئا على الوطن والمواطنين ؛ وحين نتكلم عن الفجوة الموجودة بين المسؤولين، وبين الناس، و هي ليست بجديدة ،  يتضح .أن مصالح الناس ومشكلات المواطن ليست في حساب أحد !! إذ ليست لهم آذان صاغية الي أصوات الناس. فالحس المهني المسؤول مغيب ، والارتباط بالشارع معدوم ! والسادة الغير - المسؤولين- الذين يشار إليهم مستخفين  باستكبار على الناس.(جرب او حاول تقابل احدهم و اقسم لك انه يتعامل مع الناس ولا فرعون). برغم ان الناس هنا يعرف بعضهما بعضا؛ وبالتالي.. فلا نظر فى شكوى ولا سمع للشاكي؛ ولا توجد معالجة لأسباب شكوي المواطن.الذي يعاني ليكتم غضبا داخليا يمور فى صدره.

و لجنة -الغير- متابعة - لا ترد على ما نكتبه ، لأنها تعتقد أن لكل مواطن الحق في ان يتكلم وان يشكو؛ ولها الحق في الا تتكلم ولا ترد؟! نحن نكتب نصرخ نشكو والجنة، له الحق ان لا ترد!! نحن نكتب واللجنة لا تقرأ، نحن نختلف عن اللجنة في شئ وهو اننا نكتب ولا نستطيع ان نفعل شيئا واللجنة تتفق معنا في شئ واحد وهو أنها لا تقرا ولا تفعل ولا تستمع لشيء؟! ‏وبالتالي .. يجب أن نقوم بتكريم المسؤول الذي لم يفعل شيئاً، لأن الذين فعلوا أثخنونا بالجراح!

و في ظل الأزمات والمشكلات الداخلية؛ يشكو المواطن من القرارات الخاطئة / القرار هو خليط بنسب متقاربة من قبل رجل مهنى فاهم نظريات و دراسات، و رجل سياسي فاهم نبض الشارع و توقيت اتخاذ القرار؛ فالقرار السليم فى توقيت خاطئ قرار خاطئ/ و يبرز عدم تخصص المسؤولين في إدارة دفة الحكم، و يرى أن بعض الوكلاء والمدراء يتعسفون في أعمالهم ويصنعون القرارات اعتباطياً وتسير أعمالهم من دون تخطيط ويلقون كلامهم جزافاً. بهذه الصورة بالغة الغلظة والبلادة ؛ وبالتالي يعتقد المواطن ان هذا المسؤول. بات عبئًا ثقيلًا على كاهِله.

 السادة  نسوا مشكلات الناس الكامنة، واهتموا بالأمور التي لا طائل منها، في ظل مسؤول لا يمارس شيئا محددا ! وهذا يقود إلى خيبات كبيرة بحجم التوقعات الكبيرة، فكل شيء يجب أن يرى بحجمه من دون زيادة ولا نقصان، و لا ادري الي متي سنظل نفاجأ بالعشوائية السياسية  وقرارات ، تثير الرأي العام وتضاعف مساحة الغضب لدي شعب ينوء كاهله بأعباء جسام وصعوبات معيشة غير مسبوقة؟! وكأن هناك من يتعمد اطلاق الرصاص علي قدميه في منظومة- شبه- حكم!!  بأفكار وابداعات غريبة ؛ بدل ان نركز اكثر في مشكلات الناس ونتسمع لهم ، وفي كيفية جذب  استثمارات وفتح فرص عمل جديدة. (انظر اخر احصاء للبطالة وصلت نسبة البطالة في قطاع غزة إلى 46.6%، مقابل 15.7% في الضفة الغربية) للأسف .. اصبحت قوتنا في حناجرنا كضفادع الليل؟! رغم اعتقادي أن كلامي حبر على ورق، أو صرخة في واد ، لا تزعزع حجرا ، وأن صياح الديك لا يطلع الفجر، ولكن لا بد للديك من أن يصيح. قرب لله الصبح الذي لا نسمع بتباشيره.
[email protected]