بينت لم يحمل جديدا

بي دي ان |

15 سبتمبر 2021 الساعة 06:57ص

التقى اول أمس الاثنين الموافق الثالث عشر من أيلول/ سبتمبر الحالي الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتلي بينت في شرم الشيخ، وهي الزيارة الأولى لرئيس وزراء إسرائيلي من عشر سنوات. وجاءت الزيارة تلبية لدعوة الرئيس السيسي، الذي يسعى لوضع ثقل مصر السياسي والاقليمي بهدف تحريك المياه الراكدة في العملية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية، وأيضا لصيانة امن مصر الوطني، وكذا لإرسال رسالة للإدارة الأميركية عما يمكن ان تقوم به القيادة المصرية من جهود إيجابية لتقريب المسافات بين القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية. لا سيما وان إدارة بايدن تحاول ان تستفيد من أي جهد عربي او إقليمي على هذا الصعيد، بسبب أولوياتها الدولية، ولعدم رغبتها في الضغط على الحكومة الإسرائيلية الهشة خشية سقوطها وعودة غريمها نتنياهو.
من المؤكد القيادة الفلسطينية رحبت وترحب باي جهد عربي او دولي لتفعيل المسار السياسي بهدف احداث اختراق بعد الجمود الطويل منذ مطلع عام 2014. رغم ان قيادة منظمة التحرير تعلم علم اليقين، ان رئيس حكومة التغيير الإسرائيلية لا يملك القدرة على التقدم خطوة مهما كانت محدودة وصغيرة للأمام، كما انه شخصيا ومن موقعه الأيديولوجي يرفض مبدأ التواصل مع الرئيس أبو مازن، ولا يريد أي تقدم نحو الحل السياسي، انما عمل ويعمل على تعطيل العملية السياسية. وكل ما يملكه زعيم حزب "يمينا" هو ما عبر عنه كل من لبيد قبل يومين " تسهيلات اقتصادية في غزة مقابل الامن" وما حمله غانتس اثناء لقائه الرئيس عباس قبل نحو شهر، أي التحسينات والتسهيلات الاقتصادية والمالية، وإدارة الازمة السياسية، غير ذلك لا يوجد في الجعبة الإسرائيلية.
مع ذلك الرئيس السيسي انطلاقا من شعوره القومي، ورغبة منه بتأكيد الدور المصري المركزي في الوطن العربي، وانطلاقا من مخرجات القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية، التي عقدت قبل عشرة أيام خلت أراد دفع الأمور نسبيا للأمام، ولديه ما يقوله في أكثر من ملف إضافة للملف السياسي، وهي: ملف التهدئة بين حركة حماس وإسرائيل، وملف الاسرى، وملف الاعمار في قطاع غزة، والدور المصري في المصالحة الفلسطينية، مقابل اسهام إسرائيل في تقريب المسافة بين القيادتين الأميركية والمصرية، وملف الامن في سيناء، وملف فتح معبر طابا (الذي تم اول أمس فتحه)، والملف الاثيوبي. خاصة وان الروابط الإسرائيلية الاثيوبية قوية، ويمكن لحكومة بينت / لبيد تقريب المسافات بين البلدين وحلحلة الأمور في ملف سد النهضة، الذي مازال محل خلاف بين البلدين.
ومن المؤكد الحكومة الإسرائيلية الجديدة تريد ان تستفيد من الموقف والمكانة المصرية على أكثر من مستوى وصعيد، فضلا عن رغبتها بتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر المحروسة لحسابات شخصية تخص بينت نفسه، ولحسابات إسرائيلية داخلية، فضلا عن ثقل مصر التاريخي، الذي تحرص القيادات الإسرائيلية بمستوياتها وخلفياتها المختلفة عليه، وتعمل على تسخين خط التطبيع البارد معها، اضف إلى انها معنية بالاستفادة من الثقل المصري في عملية تبادل الاسرى مع حركة حماس، وتثبيت اقدام التهدئة، لأنها ليست معنية باي تصعيد على جبهة غزة خشية انفراط عقد الحكومة.
في كل الأحوال، ومن خلال المتابعة لردود الأفعال، وما رشح عن القمة المصرية الإسرائيلية في المنابر الإعلامية، ومن خلال المعرفة المسبقة بخلفية وثوابت بينت وأركان حكومته، فإن نتائج القمة لم تتجاوز الحسابات الإسرائيلية الضيقة، ووعود من رئيس الحكومة المبتدأ في السياسة، بنقل رسالة إيجابية للإدارة الأميركية عن الدور المصري الإيجابي بهدف تقريب زمن اللقاء بين الرئيسين، والوعد بالحديث مع رئيس الوزراء الاثيوبي، ابي احمد في محاولة لترطيب الأجواء بين البلدين، وإمكانية الحلحلة في ملف سد النهضة.
غير ذلك من الصعب الاستنتاج بحدوث أي تطور، لإن رئيس حكومة إسرائيل الغر مسكون بالأيديولوجيا، ويفتقد للخبرة السياسية، بالإضافة إلى انه يخضع لسيف تهديد اركان الحكومة عموما، ورفيقته في "يمينا" شاكيد، التي أعلنت أمس الثلاثاء، ان بينت لا يقبل بالرئيس الفلسطيني شريكا، وليس مستعدا للتعامل معه تحت أي اعتبار. متجاهلة تلك المرأة المعادية للسلام، ان مصيرها، ومصير دولتها كله مرهون بالسلام مع القيادة الفلسطينية، التي مدت، وتمد يدها للسلام رغبة منها في انهاء دوامة الصراع، ووقف العنف والموت والإرهاب، وخلق بيئة مناسبة للتعايش.
لكن القيادات الإسرائيلية، واي كانت خبرتها وقدرتها السياسية، وخلفيتها الايديولوجية ليست معنية بالتقدم نحو استحقاقات السلام، لأنها لم تجد قوة دولية ملزمة لها بتطبيق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وهو ما يمنحها الضوء الأخضر في استباحة كل بارقة سلام ممكنة. ولهذا لا أحد ينتظر من حكومة بينت / لبيد اكثر مما قرأ.
[email protected]
[email protected]