المؤتمر الخامس لحزب الشعب الفلسطيني.. طريق نحو حماية التاريخ وانقاذ المستقبل

بي دي ان |

23 أغسطس 2021 الساعة 05:26م

يقترب الموعد المحدد لانعقاد المؤتمر العام الخامس لحزب الشعب الفلسطيني بعد تاخير كبير لسنوات عديدة بسبب اسباب موضوعية او قصور ذاتي لاسباب داخلية مما يجعل لهذا الموتمر اهمية قصوى ربما تفوق اهمية ما سبقه من مؤتمرات اربعة منذ اعادة تاسيس الحزب في العاشر من شباط ١٩٨٢

ياتي انعقاد هذا الموتمر والحركة الوطنية الفلسطينية في حالة صعبة فالانقسام الفلسطيني الفلسطيني ما زال قائما بل وتتقلص امكانية انتهاءه بتحقيق مصالحة بين حركتي فتح وحماس مهما كانت درجة هذه المصالحة متدنية بل ربما بات الانقسام يتحول تدريجيا وفي مسار ربما لم يعد من الممكن التراجع عنه الي انفصال سياسي وقانوني وربما سيتبعه انفصالا كيانيا دستوريا ان استمر هذا الاصرار علي بقاء الانقسام
ان آثار الانقسام لم تقتصر علي حركتي فتح وحماس بل خلقت معسكرات فصائلية وسياسية متحالفة مع كلا الطرفين واصبحت كل المنظومة السياسية والفصائلية جزء من حالة الانقسام بنسب متفاوتة مما خلق حالة من الاغتراب بين جماهير الشعب الفلسطيني وبين القوى السياسية التى اصبحت لا تعبر الا عن اعضائها في احسن الاحوال بل عن قيادتها وربما المتنفذين فيها فقط
ان هذا الحال تسبب بهجران كبير للقوى السياسية وتفريغها من كفاءات وقيادات خاصة من فئة الشباب اضافة لعدم قدرتها علي تنظم بدائل لحاله التفريغ المستمر مما اضعف بنيتها التنظيمية وحد من قدرتها السياسية وتاثيرها علي صناعة القرار والسياسات العامة 
ان حالة التكلس التى تعاني منها القوى السياسية وحزب الشعب واحدا منها يجعل علي المؤتمر العام الخامس مسئولية مضاعفة للتخلص من الاسباب التى ادت الى هذا الحجم من التراجع وضعف التاثير وفي مقدمة ذلك صياغة نظام داخلي حديث يراعي التطور الطبيعي المؤسسي للبنى السياسية والتنظيمية يضمن انسيابية التنظيم وترابط المنظمات وسهولة الحركة دون تعقيدات بيروقراطية وشكلية تعيق العمل التنظيمي
ان وثيقة النظام الداخلي هي التى تحدد الهوية الفكرية وما يليها من تعبيرات سياسية وهياكل تتلائم معها بغض النظر عن المسميات او المصطلحات فالمطلوب وحدانية القياده وحتمية تنفيذ قراراتها بما يضمن وحدة الارادة والعمل مع اضفاء روح الديموقراطية عند صناعة القرار ولكن بما يضمن التزام الاقلية بقرار الاغلبية وحقها في الدفاع عنه فقط في الهيئات الحزبية
ان ضمان مساحة واسعه من الديموقراطية داخل هيئات الحزب واتاحة الفرصة للتجديد التدائم والاحلال في الهيئات العليا والتاكيد علي ان لا يوجد اي سبب يمنع عقد الموتمرات العامة يضمن المنافسة الشريفة والتداول في الهيئات القيادية وعدم ترك الحزب لاسباب خلافية لانها لاحقا ستحسم في المؤتمر العام 
ان هذا يجعل من الحزب اكثر قدرة علي التخلص من ما اصاب الحركة الوطنية عموما من ترهل تنظيمي وجمود قيادي وانفلاش الاعضاء بل يعطي الحزب مرونة اكبر وفرصة جديدة للتوسع والانتشار والحفاظ علي قوامه الجيد ان لم يكن تطويره بشكل كبير
كما يتطلب ذلك تأسيس نظام مالي واداري ورقابي يضمن عمل الحزب كمؤسسة عمل عام منظم يتسم بالنزاهة والشفافية يخضع لمعايير الادارة الحديثة بعيدا عن تاثير المستوي السياسي علي طبيعة الاجراءات المالية والادارية وضمان استقلاليتها التامة عن مواقع النفوذ والهيمنة لتكون اداة قانونية نظامية تضمن عدم استغلال مقدرات الحزب للهيمنة والتفرد والاستحواذ 
ان الفرصة سانحة لاعادة الاعتبار لحزب الشعب كتنظيم طليعي يعبر عن الناس ، اعضاءه متساوون في الحقوق والواجبات بعيدا عن اي جمود هيكلي او سيطرة شخصية او امتيازات مناطقيه وهي فرصة للتغير فلا يكفي ان يكون الغضب قائما فيجب ان يتحول الى عملية تغيير حقيقي تضمن تناسق بين النصوص المكتوبة وبين من يستطيع ويريد ان يطبقها حتى لا تتحول النصوص ومنها النظام الداخلي الى وثيقة استرشادية فقط تستخدم وقت الاحتياج  وتختفي وقت الضرورة 
لقد مر الحزب بفترات عصيبة ساهم تاخير عقد المؤتمر العام في زيادة حدتها اضافة لاستنكاف عدد كبير من قيادته التاريخية والكادر المتقدم نتيجة عدم رضى عن الطريقة التى يقاد بها الحزب او بسبب خلافات تغلبت فيها الجوانب الشخصية علي المصلحة العامة مما خلق حاله من الفراغ القيادي ادى الى حالة من الاستحواذ علي صناعة القرار سواء السياسي او التنظيمي او تولي المواقع التمثيلية رافقه مشكلات ادارية ومالية زادت من تفاقم الازمة وربما استعصائها عن الحل وهذا يفرض على المؤتمر الخامس نقاشا عميقا في كامل المسار الذي مر به الحزب في السنوات الاخيرة منذ عقد الموتمر العام الرابع واجراء عملية تقييم حقيقي وتقويم فعال علي قاعدة النقد الذاتي ومن اجل محاسبة موضوعية على الاخطاء دون تجني او ظلم او استهانة بحجم المشكله او محاولة انكارها 
لقد شكل اداء الحزب السياسي على مدار السنوات الماضية نقاط مضيئة في المسار كان من الممكن ان تكون اكثر تاثيرا لو كانت البيئة الحزبية سليمة ومعافاة ولكن وجود الاشكالات السابقة حرمت الحزب من استثمار مناسب لمواقفه السياسية السليمة وايضا افقدت الحزب القيمة المضافة لعمل مضني لرفيقات ورفاق ومنظمات حزبية وتشكيلات نقابية وجماهيرية ومؤسسات اهلية وخدمية تعمل بين الجماهير وعلي خدمتهم
أن النهوض بالحزب والانتصار لقيمه حزبا للمصداقية السياسية تحتاج الى روافع وطنيه وطليعة مقاتله وقيادة متمرسة تستطيع ان تعيد الهيبة للتنظيم الفعال والانظباط الحزبي والمواقف السياسية وتحافظ علي مكانة حزب الشعب ومنجزاته التاريخية التى عمدت بدم الشهداء و عذابات الجرحى والاسرى وحماية مستقبل الحركة الشيوعية الفلسطينية والتى يعبر عنها حزب الشعب الفلسطيني 

(3-3) انتهى

• عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني