أهداف الحراك المصري

بي دي ان |

22 أغسطس 2021 الساعة 09:22ص

زيارة ثانية لرئيس المخابرات المصرية، عباس كامل يوم الأربعاء الماضي الموافق 18 آب / أغسطس الحالي خلال ثلاثة اشهر لكل من إسرائيل وفلسطين المحتلة لتحريك المياة الراكدة في الملفات الرئيسية: ملف التسوية السياسية، وملف التهدئة بعد مواجهات رمضان في أيار / مايو الماضية، وملف تبادل الاسرى، وملف اعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وملف المصالحة الفلسطينية الفلسطينية والمنحة القطرية وملف العلاقات الثنائية المشتركة بين مصر وكل من فلسطين ودولة الإستعمار الإسرائيلية. وكانت الزيارة السابقة في نهاية أيار / مايو الماضي، والتي شملت أيضا محافظات الجنوب، والتقى فيها الوزير كامل آنذاك يحي السنوار، رئيس حركة حماس في غزة.  
والزيارات الثلاث المتعاقبة للوزير كامل لرام الله منذ بداية العام ( كانت الزيارة الأولى في 17 كانون ثاني/ يناير 2021 مع اللواء احمد حسني، رئيس المخابرات الأردنية) تعكس الاهتمام المصري بالملف الفلسطيني، وتأكيد من قبلها مع الشقيقة الأردن على أولوية ومركزية القضية الفلسطينية، وإعتبارها ركن أساس في ملف الأمن الوطني لكل من البلدين، وواسطة الرحى في الأمن القومي العربي. كما ان مصر تسعى بمساعيها الدؤوبة على إعادة التأكيد على دورها الريادي في الوطن العربي، لذا زياراتها تهدف إلى انتشال المشهد الفلسطيني من حالة المراوحة عبر صياغة مشروع خطة عمل لجسر العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية بعد هبة القدس الرمضانية ومواجهات القطاع من 10 إلى 21 أيار / مايو الماضي، وإحداث إختراق في الملفات المذكورة انفا. أضف إلى ان خطواتها لا تتم بشكل منفرد وبعيدا عن الولايات المتحدة، او عن الشركاء العرب والأوروبيين، وخاصة مجموعة هامبورغ الرباعية (مصر، الأردن، فرنسا وألمانيا)، لا بل بتكامل وتنسيق كامل.
وما دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئيس حكومة إسرائيل، نفتالي بينت، التي حملها وزير الأمن كامل من قبيل الصدفة إنما رغبة من المحروسة في ترطيب الأجواء، وربطها ذلك مع خطوة إسرائيلية إيجابية في الملفات المختلفة وخاصة الملف السياسي، ولإعطاء مصر مصداقية لحراكها، إتفقت مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بعد لقائه (كامل) مع غانتس، وزير الأمن في ذات اليوم لإرسال وفد للقاء نظرائه المصريين لبحث الملفات ذات الاهتمام المشترك. وتحرك فعلا ومباشرة الوفد الأمني الإسرائيلي إلى شرم الشيخ للتنسيق والبحث في الملفات المشتركة.
مع ذلك، وارجو ان أكون مخطئا، لا اعتقد ان الحراك المصري وقبله الأردني والأميركي يمكن ان يغير من منطق الصهيوني المتطرف بينت، لانه يرفض من حيث المبدأ خيار السلام، ولا يقبل القسمه على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، ومعروف انه رفض التعامل بإيجابية مع الدعوة الأميركية، التي حملها كل من انتوني بلينكن، ووليم بيرنز وهادي عمرو خلال زياراتهم المتعاقبة لإسرائيل وفلسطين المحتلة باللقاء مع القيادة الفلسطينية، وحتى لم يقبل إجراء اتصال هاتفي وترك الأمر لبيني غانتس والرئيس الإسرائيلي الجديد، هيرتسوغ. وبالتالي الجهد المصري الإيجابي قد لا يثمر حصادا، وانما حصرما، لإن الحكومة الإسرائيلية الحالية، تعتبر حكومة مخصية من حيث المبدأ، ولا تملك القدرة وفق مركباتها غير المتجانسة على تقديم أي خطوة إيجابية.
لكنها ممكن على صعيد التهدئة، والمنحة القطرية (التي عولجت مبدئيا عبر الأمم المتحدة)، وتبادل الاسرى وتوسيع وتعميق التطبيع مع الدول الشقيقة ستأخذ وتعطي فيها، وتحاول تحقيق مكاسب لصالحها. غير ذلك يبدو من الصعب الإفتراض أحداث أي تحرك إيجابي، ليس لإنها لا تستطيع وفق مركباتها فقط، وانما لانها لا تريد من حيث المبدأ. لا سيما وانها تشعر ان الإدارة الأميركية، رغم مواقفها السياسية الإيجابية المعلنة، إلآ انها تضغط بالاتجاه العكسي، أي على القيادة الفلسطينية، وتتبنى الرؤية الإسرائيلية. إذا لماذا تقدم أي تنازل لصالح القيادة الفلسطينية؟ وعلى أي أساس ستذهب إلى ما يتناقض مع رؤاها الأيديولوجية والسياسية الاستعمارية، ولحساب منْ؟
من الصعب استشراف اية نتائج إيجابية إلآ بما يخدم إسرائيل ومصالحها الإستعمارية، وهذا لا تقبل به القيادة المصرية الشقيقة، ولا تقبل به ايضا لقيادة الآردنية الشقيقة، والنتيجة ان الملف الفلسطيني الإسرائيلي سيبقى رهين الرؤية الإستعمارية الإسرائيلية إلآ اذا تغيرت المواقف الأممية وخاصة الأميركية، وفي حال أعاد العرب اولوياتهم، وتمسكوا فعلا بمبادرة السلام العربية، وتم تطوير الكفاح الشعبي الفلسطيني في مختلف المحافظات والمدن، ومع حدوث اختراق في ملف المصالحة الوطنية.
[email protected]
[email protected]