العرب والإنتخابات الأميركية

بي دي ان |

22 أكتوبر 2020 الساعة 11:44ص

الإنتخابات الأميركية القادمة في الثالث من تشرين ثاني / نوفمبر القادم (2020) تعتبر بحق من  بين  المحطات  الاهم في  العملية الإنتخابية، وتمثل مفصلا مهما في تاريخ الولايات المتحدة الراهن والمستقبلي. 

رغم ان الحزبين الجمهوري والديمقراطي لم يتغيرا بالمعنى الإستراتيجي، ولم يتحول إي منهما إلى نقيض خلفيته الفكرية والسياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، ومازالا يلتزمان بمحددات الدولة العميقة، ولم يحيدا عن النظام النيو ليبرالي إقتصاديا، ولم يتخليا عن سياسة ومنطق راعي البقر الأميركي، وإبقاء العالم بقضه وقضيضه بما في ذلك الأقطاب الدولية تحت سطوة القرار والنفوذ الأميركي، وإن إختلف الحزبين في ترجمة السياسات الناظمة لبلوغ الأهداف التكتيكية والإستراتيجية، يكون بالعادة وبالمنطق إختلافا شكليا، ولا يضرب أو يؤثر على إي من ركائز السياسة الإستراتيجية والحيوية العاكسة للمصالح العليا للولايات المتحدة.

بيد ان هذة الإنتخابات بما حملته وستحمله من تداعيات وإستقطابات وإستحواذات على الشارع الأميركي، وعلى مستقبل الإمبراطورية ككل، وما مثلته وأحدثته قبلا سياسات الرئيس الجمهوري، دونالد ترامب على المشهد الأميركي الداخلي، وما تركته من آثار سلبية على السياسة الخارجية عموما، وعلى الحلفاء قبل الأعداء خصوصا، بإستثناء إسرائيل، جعلت منها الإنتخابات الأهم، لإنها وضعت الإتحاد الفيدرالي الأميركي على صفيح ساخن جدا، لا سيما وان ما سيتمخض عنها، قد يغير معالم أميركا ذاتها والعالم برمته، إن لم تسر الإنتخابات بشكل ديمقراطي وطبيعي.

جميع المراقبون من الداخل الأميركي والخارج الدولي يقفون على اطراف اصابعهم، وهم يتابعون فصول المسرح الأميركي، الذي يموج بالغليان والشحن والتحريض غير المسبوق بين المتنافسين ترامب وبايدن. 

وبغض النظر عمن سيفوز وفقا لما ستفرزه الإنتخابات، وإلى ان تفرز النتائج، والتي تحمل العديد من السيناريوهات، سيبقى العالم كله، واهل النظام العربي خصوصا يكتمون أنفاسهم ترقبا وإحتسابا لحصادها، وإنتظارا لصعود الدخان الأبيض من الأسود سيبقى القلق والخشية سيدا حال الحكام العرب.

نعم اهل النظام العربي بسمة عامة، واولئك الذين وضعوا بيضهم في سلة الرئيس ترامب، وراهنوا عليه، وإمتثلوا لإملاءاته ورغباته، وشخصنوا الإنتخابات، باتوا يحسسون على رؤوسهم، ويخشون مما تحمله الأيام القليلة المتبقية وخاصة مطلع الشهر القادم، وتحديدا يوم الثلاثاء الموافق 3/11/2020، والتي لا تفصلنا عنها سوى 12 يوما.

 لإن التقديرات بشكل عام باتت ترجح كفة المرشح الديمقراطي، لكن هذا التقدير لا يصبح حقيقة إلآ بتحقق اكثر من عامل، منها: اولا سيرورة العملية الإنتخابية بشكل ديمقراطي، ووفق المعايير الدستورية الأميركية؛ ثانيا الإلتزام الفعلي بنتائج الإنتخابات، وعدم حدوث تطورات غير منظورة، او بتعبير آخر، إلتزام الرئيس الجمهوري بالتسليم باستحقاقات الإنتخابات بغض النظر إن كانت لصالحه، او لصالح خصمه الديمقراطي؛ ثالثا عدم وقوع حوادث إرهابية، تشعل فتيل حرب اهلية. وهو ما سيغير من المعادلة السياسية الأميركية برمتها.

والخشية الأبرز في اوساط النظام الرسمي العربي تكمن في الفرضية الواقعية، وهي خسارة ساكن البيت الأبيض الحالي للإنتخابات. الأمر الذي سيضع اهل النظام العربي، خاصة اصدقاء الرئيس ترامب امام تحديات من نوع آخر مع الإدارة الجديدة. وقد تفتح العديد من الملفات السياسية والأمنية والإقتصادية، التي ستثقل كاهل العديد منهم، وترغمهم على إنتهاج سياسات مغايرة لما إنتهجوها وينتهجونها راهنا زمن رجل العقارات الأميركي.

مع ذلك اعتقد، وفي حال فوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن، واي كانت الآليات التي ستتبعها إدارته، فإنه وإدارته لن يتخلوا عن حلفاء اميركا، وان كان سيقرص آذانهم، ويقرعهم، ويفرض عليهم معايير مختلفة عما إنتهجها الرئيس ال45، وسيحافظ على علاقات إيجابية معها لكن بمعاييره، وليس بمعايير ابو إيفانكا.

 أما إذا فاز الرئيس الحالي، فسيحتفلون لمدة اسبوع، إن لم يكن اكثر، وسيوزعون الهدايا على عابري السبيل، وفرحتهم لا توصف. واي كانت النتائج، فإن على الجميع الترقب، وتتبع التطورات حتى لحظة وساعة الصفر، التي ستكون اصدق انباء من كل التقديرات.
[email protected]
[email protected]