بيتا تتفوق في مقاومتها

بي دي ان |

10 أغسطس 2021 الساعة 07:17ص

قرية بيتا البطلة حفرت مكانة متميزة في مقاومتها الشعبية، ليس من الأمس القريب مع إقامة مستعمرة افيتار، انما قبل ذلك بكثير وتحديدا منذ النصف الثاني من الثمانينات، حيث كل كفاح أبناء القرية نموذجا في الصلابة، ورسوخا عميقا في الإنتماء، وإمتلاكا شجاعا لعظمة الدفاع عن الأرض والقضية والمصالح والاهداف الوطنية الثابتة. منذ عام 1988 وبيتا تقاتل دفاعا عن ترابها، وعن الجبال المحيطة بها (العرمة وصبيح)، وعن كل فلسطين. وساهمت بقسط متقدم في الكفاح في الإنتفاضة الكبرى / ثورة كانون 1987/ 1993، وفيها تم تعرية وفضح جرائم جيش رابين القاتل بلجوئه لتكسير العظام، وتقييد ايدي وارجل عشرين انسانا من بيتا وحوارة وتركهم ليلا في العراء لتفترسهم الحيوانات الكاسرة، والتي بنتاجها تم محاكمة الضابط المنفذ للجريمة آنذاك. وبنتاج كفاحها قدمت العديد من الشهداء، وابعد عددا من أبنائها إلى جنوب لبنان، ومنه إلى تونس وغيرها من الدول الشقيقة. وبالتالي تجربة أبناء بيتا ليست حديثة العهد، بل هي متأصلة في افئدتهم وعبر عنفوان إرادتهم الفولاذية، وابداعهم في فن المقاومة، وإصرارهم على التحدي لقطعان المستعمرين ولجيش الموت والجريمة المنظمة الصهيوني.
قرية بيتا تقدر مساحتها باثنين وعشرين الفا من الدونمات، وهناك بعض المعطيات تشير إلى ان مساحتها الإجمالية 18 الفا، وبغض النظر عن التفاصيل الجزئية، التي لا تؤثر على حجم مساحتها، فإنها تتعرض لهجوم استعماري يستهدف أراضي وجبال القرية وخاصة جبلي العرمة وصبيح، الذي أقيمت عليه مستعمرة افيتار عام 2018، التي تم ازالتها لاحقا نتاج المقاومة الشعبية المتعاظمة. ولكن في شباط / فبراير 2020 تم عودة 42 عائلة من قطعان المستعمرين لإحياء المستعمرة، غير ان أبناء بيتا الباسلة تمكنوا من ارغام الحكومة الإسرائيلية بتفكيكها في نهاية حزيران / يونيو الماضي. بيد انهم باتفاق مع المستعمرين والمجلس الإقليمي للإستيطان "شومرون" لم يخلوا المكان والارض، انما اعادوا وجود معسكر الجيش، ولم يرحلوا الكرفانات التي تخص العائلات الإستعمارية، وابقوها بذريعة ان الجيش سيستخدمها، ووافق جيش الموت على إقامة مدرسة دينية تلمودية في المستعمرة، بتعبير آخر إنتهجت الإدارة الإستعمارية (المدنية) مع قيادة الجيش الإسرائيلي ومع ممثلي المستعمرين طريقا إلتفافيا لخداع الجماهير الفلسطينية في بيتا للسيطرة على اراضي القرية، ولاحقا لاعادة المستعمرين إليها، ولكنهم سيفشلوا مرة جديدة، كما هزموا سابقا.
إذاً لعبتهم الإستعمارية لم تنطلِ على الجماهير، ومازالت بيتا حتى كتايبة هذه الكلمات امس تقاتل على مدار الساعة، وليس في أيام محددة من الأسبوع، وسجل أبناء بيتا المقدامة نماذج متطورة من المقاومة الشعبية، والتكافل الرائع بين الشباب والشيوخ المرابطين في جبل أبو صبيح وبين أبناء القرية، التي يقدر عددها حوالي 12 الف نسمة، حيث تقوم العائلات المختلفة بتأمين الطعام للمقاومين، ولفت نظري قصة السيدة العجوز، التي اخذت الزعتر وقامت بخبزه في ميدان المواجهة لإطعام الابطال من الجنسين، وكذلك قصة الحلاق الشجاع، الذي بادر بالصعود للجبل، وطلب من كل مشارك وكل رجل مقيم في القرية الإتيان باطار سيارة مقابل ان يحلق له مجانا، بعد ان قامت قوت الجيش الاستعماري بمصادرة الإطارات من القرية، وذلك لاستخدامها في المواجهة اليومية.
كما ان أبناء القرية ابدعوا في موضوع الارباك الليلي، واستخدام الليزر للتشويش على المستعمرين وقوات الجيش الصهيونية، ولم يتوقفوا للحظة، رغم الإعتقالات المتواصلة لإبنائها، واستهداف ابطالها بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز والمطاردات المتكررة، وسقوط الشهداء، والذين كان اخرهم الشهيد محمد حسن، وتضييق الخناق عليها من كل جانب بالحواجز والانتهاكات التعسفية. مع ذلك تقف بيتا شامخة مرفوعة الراس/ متقدمة الصفوف في كفاحها الشعبي البطولي المتميز.
بيد اننا ونحن نعظم شأن بيتا البطلة وجماهيرها، فإن المقاومة الشعبية يفترض فعلا لا قولا تعميمها على كافة المدن والقرى والخرب والمخيمات. ولا يكفي التصريح من هذا القائد او ذاك عن ذلك، وترديد الشعارات والمواقف الإنشانئية عن تعميم التجربة الرائدة، انما الإنتقال للعمل المباشر من خلال تشكيل إطارات في كل المدن والقرى للجان المقاومة الشعبية تحت قيادة وطنية موحدة تشرف عليها باتفاق وقرار مركزي، ووفق خطة عمل واليات عمل واضحة وشفافة، وتامين الإمكانيات المالية والطبية والإجتماعية وعلى كل الصعد والمستويات. اما البقاء في دائرة تكرار ذات الشعارات دون رصيد، فهذا يشكل إحباطا بين المواطنين. آن الآوان للانتقال لميدان الفعل لإرغام العدو للاعتراف بالحقوق والمصالح والثوابت الوطنية العليا، ويقبل مذعنا باستحقاقات السلام. لإن السلام وبناء جسوره لا يات عبر طرح المشاريع، وانما من خلال الربط الديالكتيكي بين الخطط والمشاريع والممارسة الكفاحية العملية واليومية، وتحشيد كل الطاقات الوطنية.
[email protected]
[email protected]