المدرسة الوطنية منارة هامة

بي دي ان |

08 أغسطس 2021 الساعة 06:51ص

ولدت فكرة تأسيس المدرسة الوطنية للإدارة قبل أعوام قليلة، وتحديدا في آذار / مارس 2014، وصادق عليها مجلس الوزراء في 12 أيار/ مايو 2015، وتوج ترسيمها الرئيس محمود عباس في 28 شباط/ فبراير 2016،  مع نشر القرار بشأنها في الجريدة الرسمية "الوقائع". وباشرت العمل في المبنى المؤقت في حي ام الشرايط / رام الله بعد مصادقة مجلس الوزراء، حيث تم افتتاحها رسميا.
وفكرة المدرسة الوطنية للإدارة لم تكن شكلا من اشكال الشو والبروباغندا، انما جاءت نتاج حاجة وضرورة وطنية لتأهيل، وإعادة تأهيل الكوادر الوطنية بمستوياتها المختلفة العليا والوسطى والدنيا، وهذا ما تجلى في شعارها الناظم، الذي رفعته من البداية، وجاء مختصرا ومكثفا ومعبرا "نبني الإنسان .. لنبني الوطن"، وهو ما يعكس الدور الريادي للقائمين عليها، والوظيفة الناظمة لمهمتهم الوطنية، وعطفا على ذلك وضعت قيادة المدرسة أولوياتها، وهي: أولا تمكين وتطوير الكوادر الوطنية في القطاع العام، وثانيا في القطاع الخاص، وثالثا في تعميق العلاقات الأخوية مع الأشقاء العرب، ورابعا توسيع وتطوير الروابط المشتركة مع الأصدقاء في الإقليم والعالم.
وتمكنت المدرسة في زمن قياسي من ان تشكل منارة وطنية وعربية وعالمية، منذ بدأت العمل، واسهم وسيسهم في تطوير دورها مع إنتهاء بناء مبناها الجديد، في قرية أبو شيخدم شمال رام الله، الذي تشرفت قبل أسبوعين بزيارته بدعوة من الصديق موسى أبو زيد، رئيس ديوان الموظفين العام، وبوشر العمل به في الثالث عشر من نيسان/ ابريل الماضي (2021)، رغم انه لم يتم حتى اللحظة الراهنة افتتاحه رسميا. والفضل في تدشين المدرسة يعود للتمويل الكريم من الحكومة الكورية، حيث تم تجهيز المبنى بالأثاث والمعدات والأجهزة المتطورة والمعاصرة، التي حاكت وتحاكي متطلبات روح العصر والتدريب وفق احدث وارقى الأنظمة التدريبية. ويحتوي المبنى التحفة العلمية على " 14" قاعة تدريب مختلفة، وقاعة مؤتمرات تتسع لاكثر من "300" شخص، وكافتيريا، ومكتبة، بالإضافة لقسم خاص بالمنامة وبدرجات متفاوتة.  
وما استوقفني إضافة لأهمية الصرح العلمي، ان الصدفة في مباشرتها العمل تلازمت مع حلول الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، ومع اشتعال شرارة هبة القدس الرمضانية، وهو ما يعكس التكافل بين بناء المدرسة كرافعة علمية إدارية متميزة للقطاعين العام والخاص، وكمنارة وجسر تواصل مع الأشقاء والأصدقاء، مع اشتداد الكفاح ضد التطهير العرقي الصهيوني وجرائم دولة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون.
ورغم الفترة الزمنية القصيرة لشروع المدرسة بالعمل، بيد انها تمكنت من تحقيق إنجازات هامة على نطاق التدريب للكفاءات الفلسطينية والعربية والدولية، تمثلت في: أولا إتمام تدريب 1274 متدربا من كافة المؤسسات الحكومية بمستوياتها العليا والوسطى والدنيا؛ ثانيا تدريب وتأهيل 2401موظفا جديدا من كافة المؤسسات العامة؛ ثالثا تدريب 44 في حقل التدريب الأهلي / جامعة فلسطين التقنية "خضوري"؛ رابعا تدريب 163 متدربا من المؤسسات الخاصة (بنك فلسطين وعشرة شركات للتأمين)؛ خامسا تدريب 40 متدربا من 7 دول افريقية و9 دول عربية؛ سادسا تدريب 85 متدربا من الاجهزة العسكرية والأمنية من رتبة رائد فما فوق.
وبفضل هذه الجهود والمثابرة في تأكيد الذات الوطنية تم تكريس دور قيادة المدرسة والمشرفين عليها في تبوأ العديد من المواقع في المؤسسات الدولية، حيث بات رئيس ديوان الموظفين العام عضوا مؤسسا في مجلس إدارة شبكة الشرق الأوسط وشمال افريقيا لبحوث الإدارة العامة MINAPAR. كما تم انتخاب أبو زيد نائبا لرئيس الرابطة الدولية لمدارس ومعاهد الإدارة حول العالم  IASIA للشرق الأوسط وشمال افريقيا في شباط / فبراير 2020 في بروكسل، والتي تضم 80 دولة و186 جامعة ومؤسسة من قارات العالم المختلفة.
باختصار شديد ودون إطالة اعتقد من خلال المشاهدة الحية للمدرسة، والاستماع للشرح حول الدور الوظيفي لها وللقائمين عليها جميعا باسماءهم والقابهم ومواقعهم التسلسلية، ولما رايته بام العين من نشاط للمتدربين والمدربين، فإن المدرسة تعتبر واحة ومنارة عملية رائدة في فلسطين والمنطقة. وارجو ان تحافظ وقيادتها على حضورها الريادي في حقل الإدارة لتساهم بقسطها في بناء الإنسان، وبناء الوطن ومؤسسات الدولة الفلسطينية وتعميد استقلالها وحريتها. نعم المدرسة نقطة ضوء وإشعاع معرفي في حقل من اهم الحقول، حقل الإدارة.