صالح الفتى الذبيح سلاما

بي دي ان |

15 أكتوبر 2020 الساعة 05:25م

وانا داخل "الجم" صباح امس الأربعاء الموافق 14/10/2020 سألتني مديرة الجمعية بشكل مفاجىء: متى سيطبق حكم الإعدام؟ إستغربت السؤال، وسألتها اي إعدام؟ لا يوجد في القانون الفلسطيني مادة تنص على الإعدام، لكن في غزة تحت حكم الإنقلاب نفذوا الإعدام، وهذا مخالف للقانون والنظام، لإن المصادقة على أية إستثناءات، إن وجدت من صلاحية الرئيس الفلسطيني؟ قالت الإعدام بحق المجرمين القتلة في جريمة الزرقاء ضد الفتى صالح؟ قلت لها من المؤكد جريمة بشعة ومروعة، يندى لها جبين كل إنسان، لكن الحق العام والقانون الأردني كفيل بأخذ حق الفتى الذي قطعت يداه وفقئت عيناه اول امس من قبل عصابة مجرمة، إمتهنت الجريمة لترويع العباد. قالت الله جل جلاله في كتبه السماوية الثلاث حلل الإعدام، رديت عليها، مع ذلك القوانين الوضعية ومبادىء حقوق الإنسان اسقطت قانون الإعدام في العديد من الدول، لكن الأحكام  المؤبدة هي بمثابة إعدام للمجرم وهو حي. قالت قد تصدر مراسيم وعفو عام بالإفراج عنهم في مناسبات مختلفة، وبالتالي يضيع حتى الحق العام، تركتها وانا لا املك جوابا، غير اني متألم جدا إسوة بكل ابناء الشعبين الأردني والفلسطيني على الفتى صالح ابن ال16 عاما المختطف من قبل العصابة القاتلة، والتي شوهت وعذبت وذبحت الفتى دون ذنب إقترفه.
عزيزي الفتى صالح تعلم ان اشقاءك في فلسطين من البحر إلى النهر كل يوم ترتكب بحقهم عشرات الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان من قبل سلطات الإستعمار الإسرائيلية، وهناك عمليات قتل بشعة ومفجعة للإطفال والنساء عموما والحوامل وللشيوخ والشباب دون وازع اخلاقي أو قانوني أو سياسي او ديني، ومع ذلك الجريمة التي ارتكبت بحقك، وضدك إستصرخت كل ضمير حي عندي او عند كل من سمع ورأى آثار الجريمة الوحشية عليك، وانت عائد لإمك تحمل ربطة الخبز، التي لم تصل، انما وصلها خبر قتلك حيا.
استوقفتني وهزتني كإنسان، وكفلسطيني وأردني وعربي، ودفعتني للكتابة عن مأساتك التراجيدية، وانت الطفل البريء، عصابة من مجموعة قاتلة تقتحم حياتك دون إستئذان، ودون سابق إنذار، وتخطفك، وتغير معالم وجهك وشخصيتك ومستقبلك كله، هذة العصابة المجرمة من اي طينة جبلت؟ ومن اية منابع غرفت تعاليمها الوحشية واللا آدمية؟ ولماذا مارسوا دور الجزار المتوحش بجسدك النحيل؟ لماذا قطعوا يداك بالبلطة؟ وفقأوا عيناك؟ ما هي "الجريمة"، إن كان هناك جريمة من اصله إقترفتها لينهالوا عليك ببلطاتهم ومفكاتهم وسكاكينهم؟ ولماذا الإنسان ينقلب لخنزير قاتل؟ وماذا استفادوا من جريمتهم؟ هل حققوا اية نتيجة تذكر؟ والم يفكروا للحظة ان القانون العام، واجهزة الدولة الأردنية القضائية ستقتص منهم؟ وهل إعتقدوا انه سيعفوا عنهم بعد حين من إرتكاب جريمتهم؟ ام على ماذا عولوا وراهنوا عندما سنوا سكاكينهم وبلطاتهم وقذفوا حقدهم وكراهيتم على طفل صغير؟  والم يدركوا انهم بعملهم الجبان فتحوا هوة كبيرة وواسعة من منطق الثأر العشائري والقبلي، والذي سيودي بحياة آخرين إن لم تتمكن جهات الإختصاص من ضبط النزعات الثأرية؟
اسئلة كبيرة وعديدة تثار حول الجريمة، لكن اي كان عددها، واتجاهاتها، فإن الجريمة الدنيئة واللا إنسانية، والتي تعكس ثقافة قانون الغاب والإنفلات اللا أخلاقي تتطلب من جهات الإختصاص القضائية إتخاذ كل ما يستوجب لفرض اقصى العقوبات على عصابة الموت والجريمة، وإرفاق الحكم بمادة خاصة، عدم الإفراج عنهم تحت اي إعتبار حتى يموتوا بين جدران السجون، وعتمة الليل، وحرمانهم من الزيارات كليا، إن لم يتخذ القانون الأردني عقوبات اقصى.
لا ادري كيف يمكن لي او لإي إنسان خارج حدود المملكة الأردنية الهاشمية مواساة والدي الفتى صالح وخاصة والدته، التي ارسلت ابنها ليشتري خبز للعائلة. هل بالدعاء بشفاء ابنها، ام بالإتصال معها والشد على يديها، لا سيما وان الفتى صالح تغيرت معالم طريق حياته المستقبلية. وفقد أعضاء هامة واساسية من جسده، رغم بقاء بصيص نظر، ولا اعرف ان كان يمكن إجراء عمليات لوصل يديه.
جريمة الفتى صالح هزت الرأي العام الأردني والفلسطيني والعربي، وهي ليست الجريمة الوحيدة، ولن تكون الجريمة الأخيرة لا في الأردن ولا في فلسطين ولا في اي مكان، لإن الوحوش الآدمية في زمن الإنفلات والفوضى وتسيد منطق الثأر القبلي، فضلا عن إنتشار وباء عصابات قطعان المستعمرين و"فتيان التلال" وغيرهم من العصابات وجيش الموت الصهيوني وجماعات التكفير والتخوين، حتى باتوا يجتاحون مجتمعاتنا، الآمر الذي يحتم التصدي لكل انواع واشكال واساليب تلك العصابات والجماعات المارقة والخارجة على القانون وفق سمات وخصائص كل دولة، لينتصر الحق والعدل والسلم الأهلي والسلام السياسي بالمعايير النسبية.
سلاما لك ايها الفتى الصالح صالح، وارجو ان تتعافى بسرعة، وتنتصر بإرادة البقاء والحياة والأمل، لتقهر اولئك المجرمين القتلة، سفاكوا الدماء الآنذال، وتهدهد روح والديك واخوتك ومدينة الزرقاء وكل الأردن الشقيق.
[email protected]
[email protected]