من ملامح التحول الأميركي

بي دي ان |

08 يوليو 2021 الساعة 06:48ص

من المؤكد تملي الضرورة التعامل بحذر ومسؤولية تجاه التحولات السياسية عموما وبشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خصوصا في الشارع والمؤسسات الأميركية، لكن دون خشية من الإقتراب وملامسة تلك الشواهد والقرائن المتطورة، والتي تعتبر خطوة متقدمة في مسار التغير الإيجابي النسبي في رفض المنطق الإستعماري الإسرائيلي.
ولعل هبة القدس الرمضانية في ايار / مايو الماضي، التي امتدت لكل الضفة الفلسطينية وللجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة وصولا للمواجهة على جبهة قطاع غزة وفي الشتات وسعت وعمقت نسبيا جبهة التحول في الرأي العام العالمي عموما والأميركي خصوصا، الذي شهد مظاهرات حاشدة رافضة لجرائم جيش الموت الإسرائيلي وقطعان مستعمريه ضد ابناء الشعب في احياء العاصمة الفلسطينية الأبدية ورفضا للحصار المفروض على محافظات الجنوب.
ومن بين الملامح الإيجابية في عملية التحول تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ما يشهده الحزب الديمقراطي تحديدا على هذا الصعيد، وكنت فيما سبق اشرت لإكثر من عنوان، وساضيف عناوين جديدة، منها على سبيل المثال ارسال 73 نائبا من اعضاء الكونغرس الأميركي الديمقراطيين رسالة للرئيس جو بايدن في 25 حزيران / يونيو الماضي (2021)، يطالبونه فيها لإول مرة منذ عام 1967 باعتبار المستعمرات غير شرعية.
واهمية الرسالة تتمثل في اولا الزيادة الملموسة والكبيرة نسبيا في عدد النواب الديمقراطيين الموقعين على الرسالة. وهذا لم يحدث من قبل، وإن كان حدث، فلم يكن ذات شأن، أو مؤثرا؛ ثانيا الوضوح في نص الرسالة دون اي التباس او غموض، وتحديد المستعمرات الإستيطانية بشكل جلي؛ ثالثا كما ان الرسالة تتضمن ضمنا رفض اية عمليات تطهير عرقية إسرائيلية في العاصمة المقدسة واحيائها من قبل الحكومة الإسرائيلية وقطعان مستعمريها؛ رابعا اتساع دائرة القوى المؤيدة لخيار حل الدولتين والسلام عموما. لا سيما وان الإدارة ذاتها قبل وبعد استلامها مهامها في كانون ثاني / يناير الماضي أكدت، ومازالت تؤكد على تمسكها بالخيار المذكور، وان لم تتمكن حتى الآن من اتخاذ خطوة عملية على هذا الصعيد، وقد يعود ذلك لما حملته التغييرات الاسرائيلية في اعقاب الإنتخابات الأخيرة، وتغير الحكومة، بحكومة جديدة لا تقل يمينية عن سابقتها، فضلا عن انها ولدت مأزومة؛ خامسا تعاظم نفوذ القيادات اليسارية الديمقراطية داخل الحزب الديمقراطي، والذي انعكس في مجموعة من الرسائل الموجهة للرئيس بايدن ووزارة خارجيتة لربط المساعدات المالية والعسكرية الأميركية بمدى التزام إسرائيل بعملية السلام، ووقف الإستيطان الإستعماري في القدس خصوصا والضفة الفلسطينية عموما.
كما ان الإدارة الأميركية جمدت إلى اجل غير مسمى او محدد ما يسمى "صندوق الدعم للسلام الابراهيمي"، وهو ما يعتبر خطوة بالاتجاه الصحيح نحو القطيعة مع صفقة القرن، وان كانت الإدارة تواصل نهج ادارة ترامب السابقة في توسيع وتعميق عملية التطبيع المجانية العربية الإسرائيلية. بيد ان تجميد الصندوق يحمل دلالة سياسية ايجابية نسبيا. وهناك ارتفاع لاصوات النواب الأميركيين الديمقراطيين بقطع الصلة كليا مع صفقة ترامب المشؤومة. لكن من المبكر التأكد من نوايا بايدن وفريقه الحاكم تجاه هذة المسألة. اضف الى وجود واتساع فعاليات قطاعات من طلاب الجامعات الأميركية بينها جامعة "هارفارد" وغيرها تشهد حراكا ضد دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وخاصة في اوساط الطلاب من اتباع الديانة اليهودية. جميعها تطالب بوقف دعم الحكومة الإسرائيلية والإستيطان الإستعماري، وتطالب بدعم الشعب العربي الفلسطيني وقضية السلام.
مجموع هذة الخطوات الرسمية والاهلية في مختلف المنابر الأميركية تشير إلى تنامي وتطور عملية التحول في اوساط الشعب الأميركي. ولم يعد دافع الضرائب مستعدا، لإن تتحول ضرائبه لاسرائيل مجانا، ووفق السياسات التاريخية المعهودة للادارات الأميركية السابقة والمتعاقبة. ويمكن القول بحذر ان هناك تحول ما ايجابي، علينا مراقبته، ومتابعته والإهتمام به، وتعميق العلاقات مع كافة الاوساط الأميركية ذات الصلة من خلال الجالية الفلسطينية والعربية والإسلامية وانصار السلام الأميركيين انفسهم، بالإضافة لدور مؤسسات السلطة الوطنية لتعميق عملية التحول الإيجابي. لا سيما وان الدور الأميركي ذات تأثير مركزي في تكريس عملية السلام.
[email protected]
[email protected]