إحموا الفكرة

بي دي ان |

06 يوليو 2021 الساعة 07:20ص

مرة اخرى ساتوجه للاخوة ابناء وانصار حركة التحرر الوطني الفلسطيني "فتح" لإدعوهم لحماية الذات الفتحاوية، وصيانة المكانة والدور، الذي تبوأته في الحركة الوطنية الفلسطينية، وحماية المشروع الوطني، وذلك لحماية الحركة الوطنية والمشروع والأهداف الوطنية، وصون مكانة ومصالح الشعب العليا.
ولإبراز أهمية ودلالات الفكرة، رأيت من الواجب تسليط الضوء على اهم وابرز مفاصلها، واين تجلى الإلهام فيها، وكيف تفوقت فتح على غيرها من قوى حركة التحرر الوطني الفلسطينية بمختلف مكوناتها، مما سمح لها بالتربع على مركز القرار الوطني، كون الفكرة ليست كلمة مجردة دون مضامين ومحتوى، العكس الصحيح، وتتمثل في: اولا التركيز على عمليتي التحرر الوطني والبناء، وإسقاط  اية عناوين أخرى؛ ثانيا تمرد النواة الأولى للحركة على المدارس الفكرية والعقائدية المختلفة، وتمثلها جميعها في آن، من خلال فتح ابواب الحركة لكل مناضل وطني يؤمن بالكفاح التحرري وتحرير فلسطين من المستعمر الصهيوني؛ ثالثا الإنشداد لموضوع الوحدة الوطنية مع كافة الفصائل وقطاعات ونخب الشعب، دون التخلي عن دورها الريادي والقيادي في الساحة الوطنية، ولهذا اولت اهمية مركزية للتسيد على رأس منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب، وعدم التفريط بذلك حتى اليوم وغدا وإلى ما شاء الله؛ رابعا إعتماد كافة اشكال النضال، مع إعطاء الأولوية للكفاح المسلح في العقود الأربعة الأولى، ثم الإنتقال للكفاح الشعبي بعد الإنتفاضة الكبرى 1987 / 1993؛ خامسا الإعتماد على الذات الوطنية كأساس لعملية التحرير، وإمتلاك روح المبادرة في شق عملية التحرر، والتي تجلت بالتمسك بالقرار الوطني المستقل، دون ان يعني ذلك التقوقع على الذات الوطنية، وانما عبر عملية الربط الجدلي بين الوطني والقومي والأممي؛ سادسا الدهاء السياسي عبر فتح ابواب المناورة والتكتيك السياسي على مداياته، وعدم خنق الذات الفتحاوية تحت سقف شعارات ومبادىء فكرية أو عقائدية يمكن تغييرها بما يخدم الرؤية الإستراتيجية، وإن وقعت احيانا في اخطاء من خلال تغليب التكتيكي على الإستراتيجي، لكن السياق العام بقي باتجاه البوصلة الوطنية العامة؛ سابعا الإنفتاح على كل الأفكار والمدارس والإقتراحات السياسية؛ ثامنا التعامل دون تحفظات مع المنظومة السياسية العربية والإسلامية والدولية، وابقاء الأبواب مشرعة معها، وابقاء شعرة معاوية قائمة مع الجميع بغض النظر عن درجة التباين او التناقض مع الدول او القوى؛ تاسعا التعامل المرن مع التحولات الدراماتيكية التي شهدتها الساحة والإقليم والعالم، دون التخلي عن الثوابت الوطنية؛ عاشرا تقليص حجم الإعداء، واستخدام خطاب سياسي متحركة وبعيد عن المنطق التوتيري الإنفعالي، وعندما كانت تحتاج اللحظة السياسية التصعيد، كان يتم توزيع الإدوار بين اعضاء اللجنة المركزية، وبين حركة فتح وفصائل العمل الوطني، وإستثمار هذا التموج والتباين في المواقف لصالح القضية الوطنية؛ حادي عشر الربط بين النضال المسلح واشكال الكفاح الأخرى والعمل السياسي، وتدوير الزوايا لإنتزاع المكاسب والإنجازات الوطنية في المنابر الأممية .
كثيرة العناوين وتجليات الفكرة الفتحاوية، التي مازالت تمثل بوصلة مدرسة الفتحاويين في المحافل والمنابر المختلفة. والتي تجلت برفض الجمود والتطرف واللغة والخطاب الأقصوي في التعامل مع الآخر، حتى مع الإنقلابيين من جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من الأشقاء العرب والإسلاميين والأمميين. وهذة اللغة الإنسيابية الفتحاوية كانت بمثابة المفتاح السحري لدخول الحركة إلى كل المنابر، والتي رفدتها بالكفاح والعطاء.
لكن هذة الفكرة الإبداعية قد تتبدد إن لم تحرص الأجيال الفتحاوية الجديدة على حمايتها، وتمثلها كما يليق بها، وكما يفترض ان تكون عليه في الشارع الوطني وفي الميادين العربية والدولية. ويفترض ان يحتل الشارع الفلسطيني الأولوية، لإن العلاقة معه تبقى الجسور مفتوحة، وقوية وراسخة مع الشعب، لإنه كان ومازال وسيبقى هو الحاضنة الأولى والأهم بالنسبة للحركة. ومن يعتقد انه فوق الشعب يخطىء كثيرا، ولا يفقه في علم الفكرة الفتحاوية شيئا، ولا في علم السياسة. الحصانة والدعامة المركزية والأولى لحركة فتح، هو الشعب، كل الشعب بمختلف تلاوينه، ولا يجوز لكائن من كان ان ينسى العنوان الأول من الفكرة الملهمة، وهي الإعتماد على الذات الوطنية، على الشعب، وحماية القرار الوطني المستقل، وهذا لا يتم بالإبتعاد والإنعزال، او باساءة التصرف مع ابناء الشعب وقطاعاتهم المختلفة. لتحمي حركة فتح ذاتها ومكانتها، عليها حماية الفكرة، دون ذلك سيضمحل الدور والمكانة.
[email protected]
[email protected]