ماذا بعد إسقاط النظام ؟

بي دي ان |

03 يوليو 2021 الساعة 04:11ص

لعل حرية الرأي والتعبير وكذلك احترام القوانين هي من أهم أسس الدولة المدنية، وكرامة الإنسان وحفظ حياته وصون آدمية البشر أيضا هي مطلب جمعي لا خلاف عليه، ومن حق المجتمع أن يقف في حال إهدار دم المواطنين، لأن الوقوف على مقتل أي مواطن والمطالبة بمحاسبة الفاعلين وتوضيح الحدث واحترام الرأي العام ضروري، لأن هذه الحالة تعبر عن الوعي الجمعي التي يتمتع بها المواطنون في الدولة. بالتالي على هذا المجتمع أن يكون عادلا ومنصفا وعليه أن يعترض على كل حالات القتل والتجاوزات في كل مكان وفِي جميع أنحاء الوطن، وليس في مكان دون الآخر وإلا يصبح حينها نفاق سياسي، ويضع الفعل في دائرة الشك.

ونحن نتابع عن كثب قضية المرحوم نزار بنات وما لازمه من تفاصيل وحراكات و"مطالب" جميعها استدعت الإشارة إلى عدة نقاط والكتابة حول الموضوع.

أولاً: قتل أي إنسان هو فعل مدان ومرفوض تحت أي ظرف كان، ومطلوب معرفة نتائج لجنة التحقيق والوقوف على تفاصيل الحادث، وقد تم تشكيل لجنة للتحقيق بالحادث وهذا ضروري وواجب.

ثانيا: من حق أهل نزار والمجتمع الوقوف بجدية وإبداء كل ما تحمله اللغة من مصطلحات لها علاقة بالاستياء والتذمر وحالة الغضب، هذا من حق أهل المرحوم وذويه، ونتفهم ذلك تماما، لكن مالا أستطيع تفهمه هو إطلاق زجاجات المولوتوف على مراكز الشرطة، والمطالبة باسقاط النظام وتخوين جميع الأجهزة الأمنية خاصة في حين أنه وبعد حادثة نزار تم استشهاد ثلاثة من الأجهزة الأمنية، إضافة إلى استشهاد العشرات من أبناء الأجهزة الأمنية خلال تصديهم للعدوان الإسرائيلي في الفترة الأخيرة تحديدا جراء ازدياد عمليات الهدم للأراضي الفلسطينية والاقتحامات المستمرة للأقصى والمدن الفلسطينية وزيادة حدة الشراسة والاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة.

لعل المتتبع للحراك والاعتصامات التي جاءت على أثر وفاة نزار والذي على الأغلب وفق تساولاتنا بشكل خاص، لم يكن القتل هو الهدف وإنما كانت القوة لاعتقاله بعد تهربه من استدعاءات المحكمة، ومع ذلك ما يهمنا هو بعض الملاحظات التي صاحبت الحادثة، فمن الملفت جدا كان استنكار واسع وكبير من قبل قيادات من حركة حماس، وما أريد ذكره بهذا السياق فقط كلمتين "أن حادثة نزار وقعت في شهر حزيران وهو ذكرى الانقلاب" بالتالي نذكر هنا بالآية الكريمة "كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون" وسأترك للقارئ باقي تفاصيل ذكرى حزيران.

ملاحظة أخرى وهي جموع هذه الناس التي خرجت، ونؤكد أننا مع حفظ كرامة وأرواح  البشر وملزم أيضا، لكن السؤال أين كانت هذه الجموع حيت تتم مئات الاعتداءات والتي أدت في الكثير منها إلى حالات قتل في غزة، وهنا افترض أن هذه الجموع لا تحمل أي لون أو حزب سياسي، أين هي من الهجمات الإسرائيلية والاعتداءات، فلم نجد هذه الجموع أمام العدو ولبضع ايّام كما هي عليه الآن.

ثم مراسلة ذوي المرحوم للاتحاد الأوروبي ومطالبته بوقف الدعم عن السلطة الوطنية تستوجب التساؤل خاصة وإن الإتحاد الأوروبي دعمه لقطاعات واضحة كالصحة والتعليم والحالات الاجتماعية (الفقراء).

أنا أتفهم في مثل هذه الحوادث تتم المطالبة بمعاقبة الفاعلين، اقالة شخصيات ... ، أما تغيير نظام ! إلا إذا كان هناك تخطيط مسبق لذلك وكانت حادثة نزار هي الفرصة السانحة والمتاحة، وإذا لم يكن ذلك وتم إسقاط النظام هل الفراغ هو الحالة المطلوبة؟ إذا ما هو السيناريو؟ مع العلم أننا نتفق بأن النظام الفلسطيني بحاجة لاصلاح وبحاجة لتغيير شخصيات، وبحاجة لتغيير إجراء وأداء لكن دون حرف البوصلة عن قضيتنا الأساسية "القدس سلوان، بيتا، الشيخ جراح وغيرهم من القضايا التي هي محور الصراع الان.

فوضوح الهدف والأداء مهم حتى لا ندخل في دائرة الشك إذا كنّا حقا أبرياء ولدينا حسن نوايا.