"إسرائيل" تكتم انفاسها

بي دي ان |

08 يونيو 2021 الساعة 07:06ص

دولة المشروع الصهيوني الكولونيالية لا تقبل القسمة على التطور الطبيعي، لإنها اولا دولة مصطنعة ومزورة؛ ثانيا دولة بنيتها الإجتماعية غير متجانسة، ليس بالمعنى الإجتماعي الطبقي، وانما كونها مركبة من مرتزقة إستعماريين؛ ثالثا عدم وجود هوية لها. رغم ادعائها، أنها "دولة يهودية"، لكنها ليست كذلك، بل هي مغتصبة للدين اليهودي. كما لا يمكن للديانة ان تعطي هوية لإي دولة من الدول؛ رابعا دولة طارئة ومؤقتة، لإنها لا تقوى على البقاء والتطور، رغم كل اشكال الدعم الغربي الرأسمألي، الذي بدأ بشكل نسبي في التراجع والإنخفاض غير الملموس، ولكنه ملحوظ لمن يتابع ويدقق؛ خامسا تنامي وتوسع وتعمق دائرة الرفض الداخلي لها من قبل حملة جنسيتها، وإنتفاء اليقين بديمومتها، والخشية من الغد بطريقة جلية؛ سادسا مع ان دول الإقليم العربي لشروط ومعادلات سياسية معينة وسعت دائرة الإعتراف بالدولة الإستعمارية، إلآ ان الشعوب تلفظها، وترفض التعايش معها، او قبولها.
هذة الدولة المارقة والخارجة على القانون بحكم بنيتها ومركباتها الداخلية غير الطبيعية، حاولت قياداتها السير بها عقود عدة من خلال ترميم وتقليص التناقضات بين مكوناتها الاجتماعية والاقتصادية والحزبية والدينية والثقافية، وحتى تنجح كانت دائما ترفع من وتيرة التناقض مع العدو الخارجي مع الشعب الفلسطيني وقواه السياسية، وخلال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات مع اهل النظام الرسمي العربي للتغطية على عمق الشرخ القائم في مركبات المجتمع ومؤسسات الدولة واجهزتها التنفيذية، وهيئاتها التشريعية والدينية. لكنها لم تتمكن من ردم الهوة، والحد من حدة التناقضات التناحرية.  
في الدول القومية الطبيعية توجد تناقضات بينية وتصل لدرجة التناقضات التناحرية في لحظة انفجار الثورات الشعبية، بيد ان الرابط الجامع للشعوب بتلاوينها ومكوناتها وطبقاتها وفئاتها وشرائحها الإجتماعية واحدة، والناظم لمسيرة تطور تلك الدول ومجتمعاتها يؤطر الكل القومي، وعلاقاتها في اقاليمها ومع دول الجوار طبيعية جدا، إلآ في حال وجود تناقضات حدودية، او مصالح متباينة مؤقتة مع الدول الاخرى. وليس كما هو واقع حال الدولة الإسرائيلية الإستعمارية المرفوض جملة وتفصيلا.
إذاً إسرائيل التي جبلها وعجنها المستعمر الغربي الرأسمالي لتحقيق هدفين اساسيين، الأول التخلص من المسألة اليهودية في بلدانهم؛ والثانية لتحقيق مآرب الغرب الإستعمارية في الوطن العربي لنهب ثروات شعوبه، وإعاقة تطوره، والحؤول دون نهوض المشروع القومي النهضوي العربي، وتصفية الحساب الصليبي التاريخي مع العرب والمسلمين، هذة الإسرائيل استفاد منها الغرب خلال العقود الثمانية الماضية. لكنه لم يتمكن من صياغة وإنتاج الدولة الصهيونية بالشاكلة المناسبة، لإكثر من اعتبار منها، ما ذكرناه اعلاه، ولإن الشعب الأصلاني صاحب الأرض لم يفرط، ولم يتخلَ، ولم ينسَ، ولم يحيد عن ارض وطنه الأم فلسطين التاريخية، وبالتالي كان خيارهم للمكان فاشل، وغير مناسب، وضاعف من ازمة الدولة الكولونيالية.
هذة الإسرائيل الإستعمارية تعيش الآن لحظة سياسية وإجتماعية وأمنية غاية في التعقيد والتحريض وشد الأعصاب، والإستقطاب بين القوى الحزبية ومعسكرات الصهيونية المتناقضة والمتنازعة على تقاسم على كعكة السلطة، والصراعات الشخصية المحتدمة، جميعها تعكس بعض جوانب ما تقدم من استنتاجات. والآن مع توافق معسكر التغيير بزعامة لبيد / بينت المتناقض مع معسكر نتنياهو والحريديم المتطرف والفاشيين، على تشكيل حكومة جديدة، والإستعداد للذهاب للكنيست في ال14 من حزيران / يونيو الحالي لنيل الثقة، يقوم معسكر رئيس الحكومة المنتهية ولايته مع اقرانه بالتحريض المجنون والعاصف لقطع الطريق على كتلة التغيير بتشكيل الحكومة، وقد يستحضر هذا الإستقطاب والتجاذب ظاهرتين داخلية وخارجية، الأولى إغتيال رابين، رئيس الوزراء الأسبق عام 1995. لا سيما وان تهديدات بالقتل وصلت للعديد من نواب كتلة التغيير؛ والثانية ما حدث في الكونغرس الأميركي في السادس من كانون ثاني / يناير 2021 عندما قام قطاع الطرق من انصار دونالد ترامب، الرئيس الأميركي العنصري السابق على اقتحام مبنى الكابيتول. لإن الأجواء مشحونة وخانقة نتاج عمليات التحريض، التي حذر منها نداف ارغمان، رئيس الشاباك اول امس السبت، لانه من خلال مراقبته للمشهد الإسرائيلي الداخلي، خلص للتصريح التحذيري الاول من نوعه من اخطار الإستقطاب، وكونه لمس عن كثب ان دولتة الخارجة على القانون تكتم انفاسها خشية من الإنفجار الداخلي، الذي يعمق خيار ولوج الحرب الأهلية. بالتالي من الان حتى يوم 14 /6 القادم كل السيناريوهات ممكنة في اسرائيل.
ويخطىء من يعتقد ان زعران وقادة مافيات الحركة الصهيونية يمكن ان يتورعوا عن اللجوء للسلاح ضد بعضهم البعض، لإنه لا ضابط لديهم سوى العدو الخارجي المتمثل بالشعب العربي الفلسطيني وقواه ونخبه السياسية، غير ذلك لا يوجد اي محذور يحول دون الغوص حتى الركب في الدماء بين الأطراف الصهيونية المتناقضة. ورغم وجود الشعب الفلسطيني إلآ ان نتنياهو مستعد ان يقامر بمستقبل اسرائيل لقاء انقاذ رقبته من الدخول للسجن، وآخر همه ما يدعيه هو واقرانه عن "واحة الديمقراطية في الشرق الاوسط". على الجميع الإستعداد للتطور غير المنظور في الايام القليلة القادمة.
[email protected]
[email protected]