الديكتاتور يطارد المظاهرات

بي دي ان |

03 أكتوبر 2020 الساعة 10:59ص

في الحرب المفتوحة بين الإسرائيليين الصهاينة والحاكم الفاسد نتنياهو نجح مع حلفائه الجدد في حزب "مناعة إسرائيل"، أو كما يحبون تسمية انفسهم تحالف "ازرق ابيض" في تمرير تعديل قانون "صلاحيات الكورونا" في الكنيست يوم الأربعاء الموافق 30 ايلول / ديسمبر الماضي (2020) والذي يقيد حرية التظاهر، ويمنع القانون المتظاهرين بالإبتعاد عن اماكن سكناهم أكثر من كيلو متر واحد، وبعدد لا يزيد عن عشرين متظاهرا؟! والهدف من التعديل ليس الجانب الصحي، ولا علاقة له بالكورونا، لإن بؤر تفشي المرض معروفة للجميع، واقصد تجمعات الحريديم والمتدينيين عموما، الذين هددوا بلسان وزير الداخلية، اريه درعي بالإنسحاب من الحكومة في حال فرضت عليهم اية قيود، وبالتالي خلفيات التعديل، التي دعمها بيني غانتس، وغابي أشكنازي من "حصانة إسرائيل" لم تكن المسألة الصحية، وانما حماية المتهم الفاسد، والملاحق بثلاث قضايا فساد: الرشوة والإحتيال وخيانة الأمانة من المحاكمة، وتطويل امد الحكومة العرجاء، والواقفة على قشة، قد تهوي مع اول هبة ريح بسيطة. انما المستهدف هو المتظاهرون الإسرائيليون، الذين واصلو التظاهر اسبوعيا على مدار خمسة عشر اسبوعا خلت بالآف للمطالبة بإقالة المتهم بقضايا خيانة الامانة ساكن شارع بلفور.  
وكان عددا من الوزراء والمسؤولين المشاركين في إجتماعات الحكومة أكدوا: أن نتنياهو سعى لفرض الإغلاق الشامل والمشدد الحالي بهدف تقييد قدرة المحتجين من الوصول إلى المظاهرات، وخاصة تلك التي تجري قبالة مقر إقامته الرسمي في شارع بلفور. كما ان غالبية المسؤولين في وزارتي الصحة والمالية رفضوا سياسة الإغلاق العام، ونصحوا بإغلاق المناطق الموبوءة، وخاصة مناطق الحريديم، الذين يؤدون صلوات جماعية، إلآ ان رئيس الحكومة الفاسد، رفض الإستجابة لهم، ومنح تسهيلات إضافية لهم بدعم من مدير عام وزارة الصحة، حيزي ليفي، وابقى الييشيفوت (المعاهد الدينية اليهودية) مفتوحة امام طلابها من دون تطبيق بروتوكولات وزارة الصحة. وهو ما يشير إلى ان التعديل إنتقائي، وذات خلفية شخصية تخدم شخصا بعينه، اسمه بنيامين نتنياهو، الرجل المسكون بالنرجسية المفرطة، حتى امسى ديكتاتورا من طراز الحكام العرب والعالم الثالثي. وهو ليس مستبعدا ان يكون كذلك، لإنه يحمل نزعاته العنصرية الإستعمارية والفاشية على حد سواء. لا يعنيه من حقوق الإنسان سوى الجمل الفارغة، كما حليفه وصديقه الأميركي، دونالد ترامب، والنقطة المحورية في حياتهما، تتركز في بقائهما على سدة الحكم.
كما ذكرت في اكثر من مرة، ان زعيم الليكود الحاكم، فضلا عن انه ديكتاتور صغير، ايضا هو حاوي ناجح، تمكن من الفوز في تضليل الشارع الصهيوني المتناقض معه، عندما قدم نفسه بصورة "المنقذ" لإسرائيل من ازماتها، وهو يعي في قرارة نفسه، كما يعي ذلك كل مراقب يملك حدا ادنى من المعرفة انه، رجل فاسد، ولص صغير. لإن الإنقاذ كان لشخصه، وهو ما نجح فيه عندما شكل الحكومة بذريعة تفشي جائحة الكورونا قبل خمسة اشهر، والآن ينجح في مطاردة المتظاهرين الإسرائيليين. ويحول دونهم، ودون حقوق الإنسان، التي يدعي انه "حريص" بالدفاع عنها، و"يتغنى" أسوة بكل الإستعماريين الصهاينة، ان إسرائيل "واحة الديمقراطية" في الشرق الأوسط. بيد ان الحقيقة والشواهد الماثلة الآن في الساحة الإسرائيلية تشير إلى عدم وجود حد ادنى من الديمقراطية، لإنها كدولة إستعمارية، ومغتصبة لإرض شعب آخر، وتمارس العنصرية والفاشية، وتضطهد الشعب العربي الفلسطيني، وتحرمه من الحد الأدنى من حقوقه السياسية، وحقوق الإنسان الأولية، فهي إذاً دولة لا تمت للديمقراطية بصلة، لا بل انها دولة معادية لها، وهي دولة فاشية.
نتنياهو وغانتس والكنيست شركاء في مطاردة المتظاهرين الصهاينة،  المطالبون بإقاله رئيس الحكومة، لإنه متهم بقضايا الفساد والرشوة والإحتيال وخيانة الأمانة، ولانه ليس امينا على مصالحهم، وهدد ويهدد مستقبلهم المعيشي والحياتي والسياسي عموما.
نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي في تكريس نفسه كحاكم بأمره، ورسخ جذور الديكتاتورية في القضاء، وفي إغتصاب الحكم عبر التهريج ولعبة الثلاث ورقات، وبإنتهاك حقوق الإنسان، وبمواصلة سياسة الإستعمار، واستخدام ابشع اشكال البطش والحصار الظالم على ابناء الشعب الفلسطيني، ورفض خيار السلام الممكن والمقبول المرتكز على حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، ومع ذلك نهاية الحاوي ستكون على يد الشارع الإسرائيلي نفسه، وفي المستقبل المنظور. مع انه مازال الأكثر شعبية في ظل غياب شخصية كارزماتية إسرائيلية منافسة. لكن كل شي قابل للتغير في المشهد الإسرائيلي.
[email protected]
[email protected]