خلفيات إزالة الخط الأخضر

بي دي ان |

28 أغسطس 2022 الساعة 08:00م

خطوة إسرائيلية جديدة على طريق تصفية خيار السلام، تمثلت بإزالة الخط الاخصر الفاصل بين أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وبين دولة الاستعمار الإسرائيلية، وضم فعلي وفقا ل"قانون القومية الأساس للدولة اليهودية" العنصري المصادق عليه في 19 تموز / يوليو 2018، والذي تزامن صدوره مع اعلان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب عن صفقة القرن، ودشنها بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل نهاية عام 2017، ونقل السفارة الأميركية من تل ابيب إلى العاصمة الفلسطينية في أيار / مايو 2018، وما تبعها من خطوات على طريق تصفية خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، واغلاق اية منافذ نحو السلام.
وهذا ما طالبت به رسالة المديرة العامة لوزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، داليت شتاوير يوم الثلاثاء الماضي الموافق 23 اب / أغسطس الحالي إلى مدير مديرية التربية والتعليم في بلدية تل ابيب، شيرلي ريمون، بإزالة الخرائط التي جرى تعليقها في قرابة 2000 صف في مدارس المدينة، التي يظهر فيها الخط الأخضر. وطالبت باستخدام الخرائط الرسمية فقط، والتي لا يظهر فيها الخط الأخضر، وهو خط وقف اطلاق النار بين إسرائيل والدول العربية عام 1949.
وشاءت شتاوير التأكيد من خلال رسالتها، على الزام البلدية بالتقيد ب"تعليق الخارطة الجديدة" التي تتضمن موقف الحكومة السياسي، الذي كرسته الكنيست، وعملت الحكومات المتعاقبة على تكريسه عمليا على الأرض، وتأبيد الاستيطان الاستعماري الكامل على كل فلسطين التاريخية. وبالتالي ازالة الخارطة التي علقتها البلدية، والتي تعكس الواقع القائم، والذي يفترض ان يبنى عليه لبلوغ خيار حل الدولتين على حدود 1967، ويجب اسقاطها من التداول او التعامل معها. وفق ما ذكرته صحيفة "هآرتس" يوم الخميس الماضي الموافق 25 اب / اغسطس الحالي.
وعلق رئيس بلدية تل ابيب، رون خولدائي قائلا، ان الخارطة التي يظهر فيها الخط الأخضر "تستعرض الواقع كما هو، من دون وساطة ومن دون رقابة، وتسمح للأولاد والبنات باستيعاب حيز حقيقي وصادق." وهو يقصد، انها (الخارطة) تعكس المحافظة على خيار حل الدولتين، وتضع الأجيال الجديدة امام الواقع الافتراضي للحل السياسي الممكن والمقبول. لكن حكومة تسيير الاعمال الحالية ومن سبقها من حكومات لم تعد معنية قولا وفعلا وبالممارسة العملية، والانتهاكات اليومية الا بخارطة واحدة، هي خارطة السيطرة الكاملة على فلسطين التاريخية من النهر الى البحر، ولا وجود لدولة فلسطينية، او شبه دولة، وانما هناك جزر اشبه بقطعة الجبن السويسرية.
وأكدت المديرة العامة لوزارة التربية والتعليم في رسالتها أن "الجهة الرسمية والوحيدة (المخولة) بإصدار خرائط إسرائيل هو المركز لترسيم خرائط إسرائيل،" وعلى الجميع الالتزام بذلك وفقا للقانون. وأيضا فان وزير التربية والتعليم هو "الجهة المخولة بوضع منهاج مؤسسات التعليم في الدولة." وليس احد غيره.
واعادت "هآرتس" الذاكرة للحقيقة التاريخية المعروفة، والسابقة على المصادقة على "قانون القومية ..." وعلى صفقة القرن المشؤومة، والمرتبطة بالمطامع الصهيونية الاستراتيجية في إقامة دولتها "من النيل الى الفرات"، ولهذا اكد قادتها التاريخيون على ان حدود إسرائيل يحددها اقدام وبساطير جنودها، حيثما تصل تكون حدود دولتهم الاستعمارية. لهذا قالت الصحيفة، انه يكاد لا يوجد في جهاز التعليم الإسرائيلي، ومناهج التدريس كلها، أي ذكر لحدود إسرائيل ودلالاتها، والخرائط المعلقة في الصفوف هي مبادرة من جانب السلطات المحلية او المدراس او الشركات الخاصة. كما ان كتب التدريس التي تصدر باشراف ومصادقة وزارة التربية والتعليم أيضا لا تكاد تذكر "الخط الأخضر".
والمرة الوحيدة التي طالبت فيها وزيرة التعليم السابقة، يولي تمير بذكر "الخط الأخضر" في الخرائط المدرسية عام 2007، الامر الذي فتح عليها جبهة واسعة من التحريض من قوى اليمين الصهيوني. وغادرت موقعها ولم تنفذ قرارها لانه خلفها الليكودي، جدعون ساعر انذاك. ومع ذلك، فان رسالة المديرة العامة شتاوير لها دلالاتها السياسية في هذه اللحظة باقترانها بالبعدين التاريخي الناظم لقادة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، ول"قانون القومية الأساس"، والا لما اولت أهمية للخارطة التي أعدتها البلدية قبل أسبوع من بدء العام الدراسي الجديد.
والرسالة بحد ذاتها، لخصت الموقف الرسمي الإسرائيلي، ولم يعد ما يقال، سوى اسقاط خيار إسرائيل التوسعي والعدواني، وتكريس الحقوق السياسية والقانونية الفلسطينية بانتزاع الاعتراف بعضوية فلسطين كدولة عامل في الأمم المتحدة، وتامين الحماية الدولية لحدود الدولة الفلسطينية وجماهيرها من دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية.