هل سيجد المؤرخون.. ما يكتبونه عن تاريخ المسلمين والعرب؟!

بي دي ان |

02 مايو 2025 الساعة 06:52م

المشرف العام
في عملية ليست جديدة لكنها ربما ممنهجة ومنظمة بشكل أكثر، فما تم خلال اليومين الماضيين من قيام مجموعات منظمة من الأفراد بقوة السلاح بسرقة مخازن العديد من المؤسسات الدولية التي مازالت تحتفظ بكميات محدودة من المواد الغذائية لتوزيعها على المواطنين في ظل تشديد الحصار الذي يفرضه الاحتلال الفاشي على قطاع غزة، يدلل على مدى الفوضى العارمة التي تسود قطاع غزة وتؤكد على أن هناك أشخاص يدعمون الاحتلال ويتساوقون معه بنشر المجاعة في قطاع غزة، وبهذا الصدد لم نعد نعاتب القوى الوطنية والإسلامية التي لطالما حملت شعارات رنانة على مدار عشرات السنوات وقد أثبتت فشلها بل وموتها المحتم في هذه الحرب. 

ومن يحكم غزة تحديدا يتحمل المسؤولية الكاملة عن إدارة الكارثة الإنسانية التي يعيشها المواطنون، فمن استطاع الحفاظ على عشرات الرهائن الإسرائيليين، واستطاع أن يعذب معارضيه ويأتي بهم من بيوتهم، قادر على الضرب بيد من حديد لكل التجار المحتكرين للسلع واللصوص وسارقي المساعدات منذ بداية الحرب وبيعها بأسعار خيالية تسببت بشكل مباشر بمجاعة في غزة أسوة بحصار الاحتلال، إلا إذا كان الحاكم بأمره له اليد الطولى بذلك، بدافع جمع المال لدفع رواتب موظفيه أو التعامل مع المرحلة أنها مرحلة جمع غنائم. بكل الأحوال هذا السلوك تزامن مع تصريحات الاحتلال الفاشي بتوسيع عملياته العسكرية لقطاع غزة، بالتالي الوضع سيزداد أكثر خطورة وسيضع المواطنون على شفا الهاوية وربما هم أساسا كذلك. 

يعيش المواطنون في غزة أخطر مرحلة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على غزة، حيث شح الطعام ونقص المياه بعدما قام جيش الكيان الغاصب بتفجير معظم آبار المياه.

لقد لجأ المواطنون لأكل السلاحف والخبز المتعفن ولحوم الحيوانات كالحمير والحصن، هذا هو حال أهل غزة في وصمة عار على جبين البشرية جمعاء، وعار على جميع مؤسسات المجتمع الدولي المتواطئ، وعار على مليار مسلم وما يقارب نصف مليار عربي، هذه المجتمعات الدولية لا تليق ولا تشبه مبادئها التي وضعتها في أدراجها المغلقة، ومارست النفاق والرياء لدولة فاشية تقتل الأطفال بالآلاف والنساء بالآلاف، كيان يعطي الضوء الأخضر ليمارس جنوده والمرتزقة التي جاء بها من حثالة الدول ليمارسوا هواية القتل والتلذذ  وتدمير المستشفيات والمدارس وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها، لقد تفحم الأطفال ومنهم تطاير بالسماء وسقط نصفين، ومنهم لم يجدوه، بعض الآباء انتزع طفله الشهيد من فم كلب يجول بين ركام البيوت ليأكل الجثث. عن أي حقوق إنسان تتحدثون أيها المنافقون؟!

في زمن الرداءة يحدث أن مليار مسلم لا يستطيعون كسر الحصار عن غزة وإدخال كوب ماء، أو علبة دواء، أو فردة حذاء لطفل تشققت أقدامه ونزفت دما، في زمن الرداءة يحدث أن نساء فلسطين تستغيث بالملوك والحكام والأشراف والأطهار وتستجدي المروءة والرجولة والفحولة ولاحياة لمن تنادي، إنه زمن الرداءة والرويبضة، لا فاعل ولا يحزنون الكل مفعول به وأكثر. 

في حرب الإبادة تلك، يحزنني ما سيكتبه المؤرخون عن تاريخ العرب والمسلمين في هذه الفترة من حرب الإبادة على غزة، يحزنني الأطفال الذين لن يروا حينها بطل في جيوش العرب، ولا رمز ولا قائد، وأن كل السيوف كانت من خشب، ستدرك الأجيال القادمة أن مؤسسات المجتمع الدولي جميعها من ورق وأنه جيئ بها لتنفذ قرارات قوى الشر بالعالم، ولتعلن عجزها أمام قضية فلسطين، القضية الأعدل على هذه الأرض.

في القرن الحادي والعشرين، في حين يفكر العالم بالعيش فوق كواكب أخرى غير الأرض، تعاني فيه غزة من مجاعة كبرى وحصار خانق يُقتل العشرات يوميا جوعا ووباءً وحرقا وقصفا، وليس هنالك وباء أخطر من خذلان الآخر، ووسط هذا التخاذل ماذا نحن فاعلون؟! ماذا يفعل الجوعى والعطشى والمرضى والمبتورة أطرافهم والمتناثرة أشلاءهم؟! هل يكملون سيل الاستجداء ممن لا يسمعون؟! أو ماذا يفعل المنهكون والمتعبون والمستسلمون لقصف العدو وصواريخه المحملة بأطنان المتفجرات؟! 

أعتقد في ظل هذه الخيبات انتهت حلول الأرض وعلينا التوجه إلى بوابات السماء، فليس لها من دون الله كاشفة.