هل ستكون منظمة التحرير حاضرة في اليوم التالي للحرب؟!

بي دي ان |

17 يناير 2025 الساعة 06:58م

المشرف العام
وأخيرا بعد ضغوط وتهديدات لم تأخذ منه جهدا كبيرا ولا مساعي حثيثة، نجح الرئيس القادم للبيت الأبيض بتحقيق "مصلحته وقراره" بفرض وقف إطلاق النار في غزة، والذي تم الإعلان عنه يوم الأربعاء 15 يناير الجاري، والذي تم التوقيع عليه ليلة أمس بالدوحة ففور إطلاق تهديداته، بدأت صولات وجولات مكوكية للعمل على وقف العدوان السافر على غزة والذي كان بدعم ورعاية أمريكية كاملة.

دول عربية وإقليمية عديدة بدأت بالضغط على الطرفين "حماس وإسرائيل" للتوقيع على اتفاق كان بالأساس جاهزا للتوقيع في يونيو الماضي (2024) لولا رفض نتنياهو التوقيع عليه رغبة منه بإهداء هذا الإتفاق لحليفه القادم الجديد "ترامب" وليمكنه من استخدام الدماء الفلسطينية وأشلاء الفلسطينيين في دعايته الانتخابية كما اعتاد الكيان والأمريكان استخدامهم كذلك كلما تطلب الأمر لديهم. 

لحظات ترقب الإعلان عن وقف إطلاق النار من قبل المواطنين بغزة بعد حرب شرسة، دامي لم تكن الأولى من حيث حرارة الترقب و التوتر وربما انهيار الأعصاب، لكن هذه المرة وهذه الحرب الشعواء تختلف كلياً عن سابقاتها من حيث طول مدة العدوان، وهول الدمار وعدد الضحايا والكم الجنوني من أطنان المتفجرات التي تم إلقائها على أطفال ونساء غزة الذين كانوا أكثر الضحايا لهذا المشهد الدامي والذي كاد يشبه يوم القيامة.

الإعلان هذه المرة بات ممزوجاً بمرارة قاسية؛ فأشلاء الشهداء مازالت عالقة بجدران البيوت المتهالكة، ومنهم من بقي تحت الأنقاض، ومنهم دفن وقد كتب على كفنه "مجهول الهوية"، تفاصيل كثيرة قاسية ودامية وربما نعجز عن وصفها والحديث عنها، تصاحب هذا الإعلان الذي يخلو تماماً من أي إشارة للنصر، إلا عند المتوهمين الذين مازالوا يريدون ويعملون على بيع الوهم بين زحمة الشتات وتشتت الذهن لدى المكلومين والمنكوبين والمنهكة قلوبهم، (ولن يصدقوهم) هذه المرة لا ولن تشبه سابقاتها ولو بالحد الأدنى فالناس سيحملوا جراحاتهم وخيامهم المهترئة، وبقايا أشلاء أبنائهم لدفنهم "إن استطاعوا"، ومنهم لن يحمل سوا ذكريات لأهلهم وذويهم، تشعل قلوبهم شوقا وحسرة إلى مالانهاية و ما داموا أحياء. 

تشتاق الناس للعودة إلى بيوتها وأماكنها، فلا بيت ولا مكان، ولا أهل يصطحبونهم لمسقط الرأس الذي بهتت ملامحه واختفت بفعل آلة عسكرية أو طائرة إسرائيلية فاشية بكل ما تحمله المعنى؛ مارس جنودهم أبشع الممارسات والقتل والهدم بلا هوادة بعد إعطائهم ضوءا أخضر لتجاوز خطوطا حمراء، دون أي آدمية ليخرجوا من دائرة البشر إلى حظيرة الوحوش. 

في ظل هذا الواقع الأليم، بحث الكثير عن اليوم التالي للحرب، سياسة وحكما، ولم يبحثوا كثيراً في اللحظات الأولى للسماح للنازحين الجدد بالعودة إلى بيوتهم غير الموجودة أصلاً، وترتيب أوضاعهم، وكيفية إدارة يومياتهم وتوفير احتياجاتهم، بالتالي وعلى ما يبدو سيستمر مسلسل الفوضىً والتخبط طوال هذه الفترة التي تخلو من المرجعية الوطنية التي بامكانها العمل على ترويض المشهد ولو بالحد الأدنى، وربما يرجع السبب لعدم قبول نتنياهو بتواجد السلطة الفلسطينية في غزة في اليوم التالي للحرب وكذلك ما تستهويه حماس أيضاً، نظراً لرغبتها في الحفاظ على بقائها في حكم المغلوبين على أمرهم، رغم تصريحاتها الخجولة،(حماس) بتخليها عن حكم غزة، وهذا يتعارض مع تصريحات العسكريين لديها، "بتجنيد الآلاف فترة العدوان" وإن كان فيه بعض من المبالغة.

بكل الأحوال على حماس أن تدرك جيداً، أنه يستوجب عليها التخلي تماما عن فكرة البقاء بالحكم مباشرة أو بالالتفاف، ووعيها الكامل بما تسببت به من دمار  شامل كامل لقطاع غزة، بكل ما يحمله الفعل المدمر والمهلك، والتي أتاحت للجيش الفاشي الإستفراد بغزة بشرا وحجرا، مع خذلان كامل من قبل ما يسمى "محور المقاومة" وغيرهم مما كان يستوجب عليهم حماية ومساندة الشعب الفلسطيني، وفي هذه المرحلة والمنعطف الغريب والخطير يستدعي من قيادة الشعب الفلسطيني رئاسة ومنظمة وسلطة، الضغط بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة والتعاون مع الأشقاء العرب خاصة مصر والسعودية وغيرهم من الدول الشقيقة للضغط لأن تكون منظمة التحرير والحكومة الفلسطينية، حاضرة بقوة، بل وتتولى مسؤولية غزة تماما كما الضفة، حفاظاً على وحدة الوطن الجغرافية والسياسية ولتفويت الفرصة على دولة الكيان لفصل غزة عن الوطن، وتفتيت حلم الدولة الفلسطينية رغم صعوبة الواقع والتحديات الجمة، وكي لا يسهل الإستفراد بالضفة الغربية، خاصة وأن المعركة القادمة والأخطر هي في الضفة الغربية والتي يسعى الاحتلال بضمها والسيطرة عليها بمساعدة ومباركة  الرئيس القادم للبيت الأبيض.