كينيدي يهذي أحيانا
بي دي ان |
10 فبراير 2024 الساعة 12:01ص
أتيح لي في زحمة الألم والموت المعلن وحرب الإبادة الجماعية قراءة رواية "جون كينيدي يهذي أحيانا" للروائي المبدع يسري الغول، ابن مخيم الشاطئ، الذي مازال حتى اللحظة التي اخط فيها كلماتي هذه يقيم في المخيم المذكور مع زوجته وابناءه ووالديه وجده لوالدته واخواله والالاف من أبناء المخيم البطل اسوة بكل بقعة ضوء في قطاع غزة الحبيب، التي صدرت طبعتها الأولى 2023 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت في قطع متوسط من 152 صفحة.
والرواية التي بدأها المؤلف بفقرة هامة مما استنطق بها الواقع المأساوي لابناء الشعب الفلسطيني عموما وقطاع غزة خصوصا "أتعرفين يا حبيبتي لماذا لا يحرقون اجسامنا؟ لماذا يدفنونها تحت التراب بلا توابيت؟ لماذا يلبسونها القماش الأبيض بعد غسلها جيدا؟ لأننا بشر من الدرجة الثانية او الثالثة، نحن سماد هذه الأرض؛ نتحلل فتلتصق همومنا وآلامنا بالتراب حتى نصبح وقودا نقيا يستخرجه صانعو التوابيت، يملؤون به طائراتهم ليقتلوا أطفالنا؛ ثم يدفنونهم من أجل وقود أكثر.
نحن مجرد وقود يا حبيبتي .. وقود لأي معركة خاسرة". تحمل الفقرة آنفا فكرة الصراع بين الغرب الرأسمالي والشعوب المستضعفة، يعكس فيها سياسة الفصل العنصري بين العالم الأول والعالم الثالث، وخاصة الشعوب العربية وتحديدا الشعب العربي الفلسطيني، الذي شكل الرابط الأساس في هذيان يسري الغول الدائم على مدار محطات الرواية المسكونة بالموت والحروب. وفي الفقرة المدخل غاب عن الروائي نقطة هامة، حيث كان يفترض ان يرفق موت انساننا من الدرجة الثانية او الثالثة، كونه ملح الأرض، وحامل هويتها والمؤصل لانتمائه الابدي لهذه الأرض. مع انه قال "نحن سماد الأرض" ليستخدموننا (الغرب) وقودا لطائراتهم قاتلة أطفالنا، ولكن هذا الوقود كان دوما يحرق طائراتهم واهدافهم الاستعمارية.
ومن خلال المحطات المختلفة، التي شكلت ارهاصات وتجليات الرواية تنقل الاديب الغول من المترجمة الفلسطينية العربية في صحيفة "دير شبيغل" والبطل الهندي "كيشان / شاروخان" و"لاتشي" ابطال فيلم "Paheli" مرورا بفنتازيا غرائبية جمع فيها كماً غير مسبوق من زعماء العالم وقادة حركات التحرر الوطني ومثقفيه من جون كينيدي وماوتسي تونغ ولينين وجيفارا وكاسترو وأبو عمار ومانديلا وعبد الناصر وصدام ومحمود درويش والليندي وماركيز وكويلو والطيب صالح وارنست همنجواي وصولا لغولدا مئير وشارون وغيرهم العشرات، وحاكى موتهم وصراعهم كل من موقعه مع الغرب الامبريالي وقادة الصهيونية العالمية ودولة إسرائيل اللقيطة.
وكأني بالروائي وهو يتقمص عودة الروح لكل أولئك الاعلام من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية والأدبية الفنية اسوة بابناء أمتنا وشعبنا من المعروفيين (الدروز) الذين يعتقدون بالتقمص، شاء محاكاة الصراع العالمي وأثر ذلك على الشعب العربي الفلسطيني، حيث كان يعود بين الفينة والأخرى لعلاقته بوالديه وابنائه واحفاده ومخيم الشاطئ، الذي لا يفارقه لحظة في اعماله القصصية والروائية ليسلط الضوء على الموت الذي يلازمهم من حرب النفي والابادة الصهيو أميركية الى اغتصاب الحقيقة والتاريخ والموروث الحضاري الفلسطيني العربي. وجمعهم (الاعلام) في حوارات متعاقبة ومتداخلة في ذلك المقهى الواقع على شاطئ البحر، ولم تغادره المقبرة والتباينات المتواترة بين الأموات فيها، وعاد بالزمان والمكان مع جزئية كل منهم، وكشف عن دورات الحروب وما رافقها من ويلات ومصائب ألمت بالعالم اجمع.
ظل الموت يسكن الروائي الشاب المبدع الغول، لانه لا يفارق الأرض الفلسطينية منذ بدايات القرن العشرين وصولا للحظة التي خط فيها روايته الرائعة والمتميزة، وحتى يومنا هذا الذي نعيش فيه اليوم 127 من حرب الإبادة الجماعية، التي لامس بعض جوانبها في روايته الأخيرة "ملابس تنجو باعجوبة"، التي صدرت مطلع العام 2024، وكتبت عنها قبل شهر تقريبا، وكونه يبحث عن السلام والحرية والاستقلال والعودة من المخيم الى ارض الإباء والاجداد في قريته هربيا.
ويمكنني الجزم، ان الاديب المثقف الغول شاء من خلال حشد الكم غير المسبوق من الاعلام وهذياناتهم المتشعبة في روايته ان يضيف لذهن القارئ عمق ثقافته وسعة اطلاعه على تجارب العالم اجمع في القارات المختلفة، دون ان تضييع بوصلته الفلسطينية في تفاصيل الاخرين، لا بل استخدمهم جميعا في خدمة هدف ورسالة الرواية الممتعة والشيقة.
[email protected]
[email protected]
والرواية التي بدأها المؤلف بفقرة هامة مما استنطق بها الواقع المأساوي لابناء الشعب الفلسطيني عموما وقطاع غزة خصوصا "أتعرفين يا حبيبتي لماذا لا يحرقون اجسامنا؟ لماذا يدفنونها تحت التراب بلا توابيت؟ لماذا يلبسونها القماش الأبيض بعد غسلها جيدا؟ لأننا بشر من الدرجة الثانية او الثالثة، نحن سماد هذه الأرض؛ نتحلل فتلتصق همومنا وآلامنا بالتراب حتى نصبح وقودا نقيا يستخرجه صانعو التوابيت، يملؤون به طائراتهم ليقتلوا أطفالنا؛ ثم يدفنونهم من أجل وقود أكثر.
نحن مجرد وقود يا حبيبتي .. وقود لأي معركة خاسرة". تحمل الفقرة آنفا فكرة الصراع بين الغرب الرأسمالي والشعوب المستضعفة، يعكس فيها سياسة الفصل العنصري بين العالم الأول والعالم الثالث، وخاصة الشعوب العربية وتحديدا الشعب العربي الفلسطيني، الذي شكل الرابط الأساس في هذيان يسري الغول الدائم على مدار محطات الرواية المسكونة بالموت والحروب. وفي الفقرة المدخل غاب عن الروائي نقطة هامة، حيث كان يفترض ان يرفق موت انساننا من الدرجة الثانية او الثالثة، كونه ملح الأرض، وحامل هويتها والمؤصل لانتمائه الابدي لهذه الأرض. مع انه قال "نحن سماد الأرض" ليستخدموننا (الغرب) وقودا لطائراتهم قاتلة أطفالنا، ولكن هذا الوقود كان دوما يحرق طائراتهم واهدافهم الاستعمارية.
ومن خلال المحطات المختلفة، التي شكلت ارهاصات وتجليات الرواية تنقل الاديب الغول من المترجمة الفلسطينية العربية في صحيفة "دير شبيغل" والبطل الهندي "كيشان / شاروخان" و"لاتشي" ابطال فيلم "Paheli" مرورا بفنتازيا غرائبية جمع فيها كماً غير مسبوق من زعماء العالم وقادة حركات التحرر الوطني ومثقفيه من جون كينيدي وماوتسي تونغ ولينين وجيفارا وكاسترو وأبو عمار ومانديلا وعبد الناصر وصدام ومحمود درويش والليندي وماركيز وكويلو والطيب صالح وارنست همنجواي وصولا لغولدا مئير وشارون وغيرهم العشرات، وحاكى موتهم وصراعهم كل من موقعه مع الغرب الامبريالي وقادة الصهيونية العالمية ودولة إسرائيل اللقيطة.
وكأني بالروائي وهو يتقمص عودة الروح لكل أولئك الاعلام من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية والأدبية الفنية اسوة بابناء أمتنا وشعبنا من المعروفيين (الدروز) الذين يعتقدون بالتقمص، شاء محاكاة الصراع العالمي وأثر ذلك على الشعب العربي الفلسطيني، حيث كان يعود بين الفينة والأخرى لعلاقته بوالديه وابنائه واحفاده ومخيم الشاطئ، الذي لا يفارقه لحظة في اعماله القصصية والروائية ليسلط الضوء على الموت الذي يلازمهم من حرب النفي والابادة الصهيو أميركية الى اغتصاب الحقيقة والتاريخ والموروث الحضاري الفلسطيني العربي. وجمعهم (الاعلام) في حوارات متعاقبة ومتداخلة في ذلك المقهى الواقع على شاطئ البحر، ولم تغادره المقبرة والتباينات المتواترة بين الأموات فيها، وعاد بالزمان والمكان مع جزئية كل منهم، وكشف عن دورات الحروب وما رافقها من ويلات ومصائب ألمت بالعالم اجمع.
ظل الموت يسكن الروائي الشاب المبدع الغول، لانه لا يفارق الأرض الفلسطينية منذ بدايات القرن العشرين وصولا للحظة التي خط فيها روايته الرائعة والمتميزة، وحتى يومنا هذا الذي نعيش فيه اليوم 127 من حرب الإبادة الجماعية، التي لامس بعض جوانبها في روايته الأخيرة "ملابس تنجو باعجوبة"، التي صدرت مطلع العام 2024، وكتبت عنها قبل شهر تقريبا، وكونه يبحث عن السلام والحرية والاستقلال والعودة من المخيم الى ارض الإباء والاجداد في قريته هربيا.
ويمكنني الجزم، ان الاديب المثقف الغول شاء من خلال حشد الكم غير المسبوق من الاعلام وهذياناتهم المتشعبة في روايته ان يضيف لذهن القارئ عمق ثقافته وسعة اطلاعه على تجارب العالم اجمع في القارات المختلفة، دون ان تضييع بوصلته الفلسطينية في تفاصيل الاخرين، لا بل استخدمهم جميعا في خدمة هدف ورسالة الرواية الممتعة والشيقة.
[email protected]
[email protected]