مخرجات بريكس الواقعية

بي دي ان |

26 أغسطس 2023 الساعة 12:18ص

الكاتب
عقدت دول مجموعة بريكس مؤتمرا في جوهانسبرغ عاصمة جنوب افريقيا من الثلاثاء الموافق 22 الى الخميس الموافق 25 من شهر آب / أغسطس الحالي، ضمت رؤساء الدول الاعضاء: جنوب افريقيا، الصين، الهند، البرازيل، وشارك زعيم روسيا الاتحادية بكلمة عبر الزووم، بسبب حكم من المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله. واعتقد ان القمة شكلت نقطة تحول نوعية في مسار المجموعة الدولية، التي تأسست نواتها عام 2006، كون زعماءها الخمس رسموا خارطة طريق لتوجهاتهم المشتركة في العلاقات البينية فيما بينهم، والاليات التي سينتهجونها في تطوير دورهم ومكانتهم العالمية على الصعد والمستويات المختلفة، وفي العلاقة مع الأقطاب الدولية، ومع الأمم المتحدة ونظرتهم المستقبلية للمنظومة العالمية، وعرجت مخرجاتهم على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث حددوا موقفا واضحا في دعم خيار السلام المستند الى قرارات الشرعية الدولية.
بعيدا عن وزن وثقل دول المجموعة في الخارطة الجيوبواستراتيجية الدولية اقتصاديا وماليا وديمغرافيا وعسكريا، والآفاق المفتوحة امام نمو وتوسع المجموعة، ودون التوقف التفصيلي عند ابرز ما حملته كلمات ومواقف زعماء البريكس، فإن الخطوط العامة لمخرجات القمة عكست الرؤية الواقعية لقادة المجموعة، وحرصهم على بناء منظومة عالمية تقوم على التكامل، وليس على التنافر والعدائية، دون التنازل عن رؤاهم الاستراتيجية، واستشرافهم لماهية العالم الافتراضي الذي تحتاجه البشرية اليوم وغدا وبعد غدٍ وفي المستقبل البعيد، ومن اهم تلك المخرجات"
أولا تشكل وتطور المجموعة لا يهدف لاستعداء أي قطب من الأقطاب الدولية، ولا يرغب قادتها بافتعال اية أزمات مع احد، وليسوا في واردهم الاستقواء على أي دولة او مجموعة دول أخرى لا تتفق معهم في رؤاهم ومراميهم؛ ثانيا وجدت وولدت المجموعة لبناء عالم جديد، خال من الحروب بكل اشكالها الباردة والساخنة، وترفض سياسة العنف والإرهاب والاكراه والاملاءات من قبل الأقطاب على دول الجنوب الضعيفة؛ ثالثا تؤمن قيادة المجموعة بانتهاج سياسة التعاون والتكامل مع مختلف دول العالم دونما استثناء وعلى مختلف الصعد السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والمالية والثقافية والاجتماعية، والانفتاح على الاخر بما يؤمن تعزيز لغة الشراكة؛ رابعا حماية السلم العالمي من اية نزعات عدوانية، وخلق الشروط الأممية الملائمة لحماية البشرية من دوامة الفوضى والاستقواء ونظريات المؤامرة، ورفض سياسة نهب ثروات الشعوب الضعيفة والفقيرة بالاتكاء على القانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي والمعاهدات والمواثيق والأعراف الأممية؛ خامسا تعزيز مكانة دول الجنوب في المنظومة العالمية الجديدة بما يليق بحجمها وثقلها في المعادلات الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية والحضارية، وبالتالي إعادة نظر في مركبات مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة والقوانين الناظمة لعملها بما يستجيب للحاجات البشرية جمعاء، ورفض التغول والاستئثار بالقرار الاممي من قبل أي قطب عالمي؛ سادسا تكريس منظومة عالمية جديدة تقوم على التعددية القطبية. لا سيما وان العالم آخذ بالاتجاه نحو مرحلة كيفية عنوانها: عالم متعدد الأقطاب، والآخذ بالتبلور من خلال انكفاء وافول الدور الأميركي في الخارطة السياسية العالمية، وانزياح مكانتها الدولية من قطب عالمي مهيمن، الى قطب شريك في رسم السياسة العالمية؛ سابعا الغاء واسقاط دور الدولار كمعادل مالي عالمي، واعتماد منظومة مالية عالمية جديدة، والعمل على صك عملة خاصة بدول البريكس، وتوسيع الية التعامل بعملات الدول الأعضاء، ومع الدول الأخرى التي تتعامل معها، كمقدمة لازاحة سطوة الدولار الأميركي؛ ثامنا فتح الباب امام توسيع مجموعة البريكس بحيث تستقطب دول جديدة لاطارها وفق معايير حددها قادة المجموعة، واستنادا لذلك تم قبول عضوية كل من: مصر والسعودية والامارات العربية المتحدة والأرجنتين وإيران واثيوبيا بدءا من شهر كانون ثاني / يناير 2024، وهذه خطوة عملية متقدمة في توسيع وتعميق وزن مجموعة البريكس عالميا، والحبل على الجرار، لا سيما وان هناك قرابة الأربعين دولة ترغب بالانضمام لمجموعة البريكس.
وعلى صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أكدت دول المجموعة في بيانها الختامي دعمها خيار السلام الممكن والمقبول على أساس خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، ووفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ورفضت الدول السياسة الاستعمارية الإسرائيلية، وخيار الاستيطان الاستعماري، الذي يهدد السلام والامن الإقليميين، ودعمت حق الشعب العربي الفلسطيني في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة اسوة بشعوب الأرض قاطبة.
وهذا الموقف يعكس روح المسؤولية العالمية العالية تجاه قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ورفض منطق التغول والفاشية والعنصرية الإسرائيلية، وبالضرورة سيكون له ثقله الإيجابي في معادلة الصراع مع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية. وللموضوع بقية.
[email protected]
[email protected]