بعد موسم سينمائي محبط.. تعرف على الأسباب التي تدفعك لمشاهدة فيلم "وش في وش"

بي دي ان |

25 أغسطس 2023 الساعة 11:51م

صورة تعبيرية
كتابة ذكية، حوار ماتع، كوميديا عصرية، تجربة فنية شبه استثنائية لم تعتمد على الاستسهال، كانت تلك بعض انطباعات النقاد وصانعي السينما ما إن شاهدوا فيلم "وش في وش" الذي عرض في دور العرض قبل أيام.

ومنح بعض المتابعين العمل لقب "الفيلم المصري الأفضل في 2023" أو "الأكثر ذكاء على مستوى الكتابة" من بينهم المخرج عمرو سلامة ومحمد دياب وخالد الحلفاوي، وخلال 5 أيام الأولى من عرضه حصد الفيلم أكثرمن 4.5 ملايين جنيه (الدولار يساوي نحو 31 جنيها) محتلا المرتبة الثانية بالإيرادات بعد فيلم "العميل صفر" لأكرم حسني، رغم أن غالبية أبطال "وش في وش" يخوضون لأول مرة عالم البطولة السينمائية المطلقة عبر كوميديا عائلية بسيطة، بعيدا عن مناطقهم الآمنة وجمهورهم المنزلي الذي لن يتوان عن الرهان عليهم على شاشة التليفزيون.

المخاطرة نفسها أقدم عليها المخرج وليد الحلفاوي الذي يُعد هذا العمل تجربته الأولى بالتأليف والثانية بالإخراج السينمائي بعد فيلم "علي بابا" في 2018.

فيلم "وش في وش" دراما اجتماعية كوميدية بطولة محمد ممدوح، أمينة خليل، محمد شاهين، أحمد خالد صالح، أسماء جلال، خالد كمال، بيومي فؤاد، أنوشكا، سامي مغاوري، محمود الليثي، دنيا سامي، وسلوى محمد علي، ومن تأليف وإخراج وليد الحلفاوي.

يحكي الفيلم عن زوجين ينشب بينهما عراك حاد فيقرر الأهل التدخل، ويستعين الزوجان بالأصدقاء، ولسبب ما يضطر الجميع لقضاء ليلتهم معا في مكان محدود الأبعاد، مما ينتج عنه الكثير من المواقف سواء الكوميدية أو الملهمة بما يخدم القضية التي يناقشها الفيلم حول إمكانية تدخل الآخرين -مهما كانت أغراضهم نبيلة- وتدمير العلاقات العاطفية، خاصة تلك التي تحمل بين طياتها اختلافات جذرية بالفكر والثقافة والأولويات.

وبالنظر إلى الموسم السينمائي الحالي وعلى مدار عدة مواسم سابقة، سنجد غالبية الأفلام المصرية مُخيبة للآمال خاصة الكوميدي منها أو الاجتماعي بما فيها "بيت الروبي" الذي جنى ما يقارب 122 مليون جنيه حتى الآن، إذ جاء مستواه الفني متواضعا على مستوى السرد والسيناريو، لكن أنقذه جمهور حريص على متابعة عدد من النجوم في الفيلم.

لهذا لم يستطع محبو السينما أو صانعوها كبح جماح أنفسهم وعدم الإعراب عن سعادتهم بتجربة "وش في وش" وتشجيع صانعيها على المضي قدما في مشوارهم الفني بدون التأثر بالموجات السائدة، وإليكم أهم أسباب نجاح الفيلم.

1. الرهان على فريق متجانس
ينتمي جميع أبطال الفيلم إلى عالم الدراما الرمضانية، وإن كان معظمهم لا يتشابهون في أن المسلسلات التي شاركوا بها أو أُسندت إليهم بطولتها كانت ضمن الأعلى مشاهدة بالسنوات الأخيرة فقط، وإنما بأنهم قدموا أعمالا كثيرة مشتركة خاصة أمينة خليل ومحمد ممدوح الذين تعاونا معا في مسلسلات مثل "قابيل" و"خلي بالك من زيزي" و"لا تطفئ الشمس" و"غراند أوتيل".

كذلك سبق أن تعاون الاثنان مع كل من محمد شاهين وأسماء جلال وخالد كمال وأنوشكا، لهذا بدت الكيمياء الفنية بين الجميع جلية ويُمكن الاعتماد عليها في ذاتها كما لو كانت أداة إضافية لإنجاح العمل.

2. كلمة السر: الخلفاوي
تتميز دراما المكان الواحد التي ينتمي إليها الفيلم بالحاجة إلى التكثيف وحسن إدارة المخرج وتعامله بحرفية سواء مع الممثلين أو النَص، وهو ما برع به وليد الخلفاوي سواء على مستوى الإخراج والقدرة على السيطرة على طاقم يفوق عدده 12 ممثلا في مساحة أقل من 200 متر، أو الكتابة التي قدّم خلالها العمل ويمكن وصفها بالذكية وشديدة المعاصرة والحساسية.

من جهة جاء السيناريو والسرد الدرامي تصاعديا بدون ملل خاصة بالنصف الأول من الفيلم، ومن جهة أخرى لم يبد الحوار مكررا أو به أي شبهة استسهال، ومع كل الكوميديا التي غَلّفت الأحداث ظل الحوار عميقا بما يكفي لطرح قضية مهمة من وجهات نظر مختلفة وثرية.

3. خيوط درامية متعددة وماتعة
لم تقتصر الحبكة بالتركيز على بطلي العمل الرئيسيين وإنما قدّمت عدة خيوط أخرى سواء زوجية أو فردية أو معقدة، استطاع الجمهور خلالها استنباط بعض السمات الشخصية والخلفية الاجتماعية لأصحابها استنادا إلى التفاصيل؛ مما يُعيدنا إلى أهمية الكتابة الجيدة.

4. مفاجآت على مستوى التمثيل
على مستوى التمثيل قدّم غالبية الأبطال أدوارهم بشكل جيد جدا، وأقلهم إبداعا كانت أمينة خليل التي لم تبذل مجهودا كافيا لتجسيد شخصية تُضاف إلى مسيرتها. كذلك نجح ضيوف الشرف بترك بصمة وضحكة رغم ظهورهم بضع دقائق فقط، أهمهم خالد الصاوي ولطفي لبيب وعمر مصطفى متولي ومصطفى غريب. وإن كان ذلك لم يمنع البعض من التألق بشدة وبمسافة فاصلة عن الآخرين على رأسهم محمد شاهين الذي لعب دوره بسلاسة بديعة، ومع أنه ليس ممثلا كوميديا بالأساس؛ فقد كان الأكثر إضحاكا بين النجوم الذكور.

وعودة النجم، هذا أفضل ما يمكن قوله لوصف أداء الفنان بيومي فؤاد الذي قدّم أخيرا دورا جيدا بطريقة غير هزلية ودون استخفاف، وهو ما يتماشى مع تصريحاته حول نيته البُعد عن الاختيارات السطحية التي ضمنت له الانتشار فنيا والربح المادي السريع خلال السنوات الأخيرة. أما المفاجأة الأكبر فكانت من نصيب دنيا سامي التي قدمت دورا كوميديا تماما، كاشفة لمرة جديدة عن خفة ظلها وبراعتها بالإضحاك المعتمد على كوميديا الموقف وليس "الإفيه" أو التنمر عليها مثلما يجري مع نجمات أخريات يُصنفن كوميديات.

 5. الدعاية الذكية واستغلال منصات التواصل
خطط صانعو العمل لدعاية ذكية للعمل، حين افتعل محمد ممدوح مشاجرة عبر حسابه الشخصي على موقع "فيسبوك" ثم شرّع الأبطال بالتعليق، قبل اتضاح أن ما يجري يُشبه كثيرا أجواء العمل وشخصياتهم خلاله.

6. إيجابيات أخرى
من ضمن الإيجابيات الأخرى التي شملها الفيلم: الموسيقى التصويرية لخالد كمار، والمونتاج، والديكور. كذلك يُحسب لصانعي العمل اختيار أن ينتمي الأبطال للشارع المصري العادي، بعيدا عن ثقافة "الكومباوندات" أو القصور التي باتت أكثر استفزازية ولا منطقية للجمهور.

آفة أعمالنا النهايات
ولأن الأمر لا يخلو من بعض السلبيات، لا بد من الإشارة إلى بعض التطويل الذي جرى بالنصف الثاني من العمل أو التغييرات الجذرية لبعض الأبطال التي -وإن تم التمهيد لها- حملت بعضا من المبالغة. وهو التوصيف نفسه الذي يمكننا أن نُطلقه على السبب الرئيسي الذي أجبر الأبطال على المكوث معا طوال الليل، إذ كان من الأفضل التفكير بسبب أكثر منطقية أو إحكاما، وصولا إلى النهاية التي بدت على أنها "كليشيه" ومتوقعة، والأهم ليست على ذات المستوى أو الجهد المبذول بباقي العمل.