خلفية تزامن الزيارات

بي دي ان |

10 يونيو 2023 الساعة 01:16ص

الكاتب
جمهورية مصر العربية لها دور مركزي في الملفات العربية المختلفة من المحيط الى الخليج، حرصا منها على تمثل دورها المحوري في الوطن العربي، مع تباين بين ملف وآخر، ويحتل الملف الفلسطيني بتشعباته محور الرحى في الملفات العربية لاكثر من اعتبار، منها: أولا علاقات الاخوة التاريخية بين الشعبين الشقيقين على مدار حقب التاريخ؛ ثانيا المصالح المشتركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بينهما؛ ثالثا حماية الامن الوطني المصري؛ رابعا أهمية ومركزية القضية الفلسطينية عربيا؛ خامسا الجيوبوليتك السياسي بين البلدين؛ سادسا استحقاقات عربية وإقليمية ودولية تحتم على القيادة المصرية الإمساك بزمام الأمور في الملف الفلسطيني؛ سابعا يرتبط بملف المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، رغم تراجعه الكبير.
مجموع العوامل يستوجب من الطرفين الشقيقين إدامة التواصل والتنسيق فيما بينهما، وبحث القضايا المشتركة، وعلى هذه الأرضية تزامن زيارات ثلاث وفود فلسطينية من نهاية أيار / مايو الماضي ومطلع حزيران / يونيو الحالي (2023) حيث وصل رئيس الوزراء  محمد اشتية على رأس وفد وزاري كبير، حظي بحفاوة كبيرة من الاشقاء المصريين على المستويين الوزاري والأمني، وتم توقيع عدد من البرتوكولات الاقتصادية بعناوينها المتعددة والتعليمية والصحية تأكيدا للروابط المشتركة بين الشعبين، وللحرص المصري على منح السلطة الوطنية وحكومتها الثقل والاولوية المطلوبة. ومن ضمن ما بحث، ملف المعابر وخاصة معبر رفح البري، ومعبر العوجا، وحقل غاز مارينا على شواطئ غزة، وفي السياق المصالحة الذي تم بحثة مع الوزير عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات.
تلى زيارة رئيس الوزراء مباشرة زيارة وفدي حركتي الجهاد وحماس، وكان رئيس حكومة ظل حماس الدعاليس وصل للقاهرة، ولم تكن زيارة الوفدان القياديان لحماس والجهاد مفاجئة او طارئة، انما كان تم الاعداد لها قبل اغتيال إسرائيل لقادة حركة الجهاد في التاسع من أيار / مايو الماضي، والتأجيل نجم عن تداعيات عملية الاغتيال الإسرائيلية الجبانة، والتي فتحت نيران حرب جوية وبرية لمدة خمسة أيام سقط أثرها 33 شهيدا وعشرات الجرحى.
وانحصرت لقاءات الوفدان مع الجانب المصري مع جهاز المخابرات المصرية المسؤول عن الملف الفلسطيني وتركزت المباحثات على الجانب الأمني والهدنة مع الجانب الإسرائيلي، والفصل بين الجبهة الفلسطينية واللبنانية وغيرها من الجبهات في حال حدث تطور خارج دائرة الحساب، وتحسين مستوى المعيشة، وزيادة عدد العمال في السوق الاسرائيلية، وزيادة ادخال السلع المصرية عبر معبر صلاح الدين، بالاضافة لملفي الكهرباء والمياه، وأيضا لم يغب ملف المصالحة ولو عبورا سريعا. لا سيما وانه مرتبط بضوابط تعتبرها حركة حماس غير مقبولة من طرفها، والشرطان هما الأول الاعتراف بمنظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني؛ الثاني الاعتراف بمرجعيات الشرعية الدولية
من المؤكد ان تزامن الزيارات للوفود الثلاثة لم يكن عفويا، او صدفيا، انما اعدت له القيادة المصرية جيدا، بحيث تحاول تجسير المسافات بين السلطة وحكومتها الشرعية وبين قيادة الانقلاب فيما يتعلق بالدور المركزي للسلطة على معبر رفح ومعبر العوجا، وفي التنسيق بين الطرفين بشأن مشاريع المياه والكهرباء وهموم الشعب في محافظات الجنوب على المستويات المختلفة.
ووفق ما اعتقد، ان الزيارات الثلاث على أهميتها، لم تحمل جديدا نوعيا بالمعنى الدقيق للكلمة، واجزم ان الملفات ذاتها اعيد طرحها بزيادة او نقصان في التفاصيل، بما في ذلك عودة سيطرة حرس الرئاسة على المعابر الفلسطينية المشتركة مع الجانب المصري، وحقل غاز مارينا. والاهم من وجهة النظر المصرية ضبط إيقاع مجريات الاحداث في قطاع غزة، وعدم مغادرة موقع الهدنة الطويلة، الذي تلتزم به حركة حماس التزاما عميقا مقابل استمرار وصول حقائب المال القطرية، حتى وان تأخرت أحيانا بعض الوقت، والضغط على حركة الجهاد كي تبقى ضمن دائرة السيطرة الانقلابية، ووفق معايير المعادلة الحمساوية : مال مقبل هدنة وزيادة عدد العمال، وتحسينات اقتصادية، وضمنا إبقاء سيطرة حماس على القطاع لادامة الانقلاب والانقسام، وبالتالي تجفيف مساحات الامل والتفاؤل أكثر فأكثر في ملف المصالحة وتعميق سياسة فصل الساحات عن بعضها خشية التداعيات غير المحمودة من وجهة النظر المصرية،.
في مطلق الأحوال الساحة الفلسطينية تحتاج الى رؤية برنامجية جديدة وآليات عمل مختلفة لاعادة ترتيب شؤون البيت الفلسطيني وتوحيده تحت راية منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد لمواجهة التحديات الإسرائيلية الخطيرة.
[email protected]
[email protected]