طعنة في العين؟!

بي دي ان |

05 مارس 2023 الساعة 02:30م

الكاتب

- رجالنا: يجب أن تكون الكلمة الأخيرة لنا .. افعل شيئًا؟! لا شيء بلا ثمن، ولتكن ضربتك قوية كصبرك الطويل، جميل وحكيم؛ الرعب لهم! تَقلَّص وجهُه وثبتَت في عينَيه نظرةُ حزن ورثاء، فقال: الرعب من الضربةٍ القاضية؟! أم السير في الطريق المهدَّد بالدمار؟ هذا ما يُهمني، أما أنت فلا تستحق إلا الخلود! 

- قال: في صراع الحقّ ضدّ الباطل، قد تنتهي المعركة بسيادة الباطل، و لو الى حين .. و لكنّ الباطل حتى حين يسود، يعرف تمام المعرفة انه باطل، و ان الحق حقّ، وأن مصيره إن آجلا أو عاجلاً إلى زوال، و هذا في حد ذاته اكبر انتصار للحقّ، أرجو أن تطمئنَّ كلَّ الاطمئنان إلى عدالة قضيتنا فهي لا تبتغي إلَّا وجه الحق وحده. فقال: خير البرِّ عاجله؛ فاستمتع بثأرك وليكن أطولَ من الموت وألمُ الانتظار، وليكنْ ما يكون؛ فلعلَّ الخير فيما اختار الله.

- رغم ذلك كلِّه قرَّر ألَّا يُذعن لليأس قبل أن يستميتَ في الدفاع عن ثأره العام،  بل يجد داعيًا للعجلة، بالمضيء بالإيثار وشرف النفس، ودون ذلك فليأتِ الموتُ إذا شاء،  وأوُلد من جديد، فقال لصاحبه: فيك الخير كل الخير؛ سار على مهل في الشارع، ورثَى إلى الضحايا الابرياء من قلبٍ متأوِّه، ذهل فاشتعل بالغضب، فكاد رغم البرد ينصهر، فليس المعزِّي كصاحب الثأر.

- مر الوقت كأنما يسير إلى الوراء، كأن السبات والحزن والكوابيس تلفُّ البلد والناس وتغلق المسلك، ظل الكآبة مُنتشرًا في المكان كله، ودفَقات غضبه في تصاعُد تحترق في موقد العذاب خلجات نفسه، جعلته يجترُّ حزنًا كأنما يُصغي إلى الصمت الشامل؛ بوُهتَت المدينة المُخضَّبة بالدماء حزنًا. أنَّها تبكي الدماء والنار المجزرة والقتل وإطلاق النار على الأبرياء؟ ارتعد الوقع، وأجال عينيه في الطرقة المقوَّسة فلم يرَ أثرًا حياة، فكل ما يُحيط به يَعِدُ كالموت ومَن أضناه الألم خليقٌ بأنْ يُرحِّب بالموت.

- قلب المدينة المعبدة بالدماء دليل على أنَّ الإنسانية تخلو من نقطة رحمة؟!. ولِمَ لا ينطق هذا العالم الذي يشهد الصراع منذ البداية،  والخرس الدولي المشين تحيز وتضليل ومساواة بين المجرم والضحية؟! ولِمَ تأكل هذه الأرض أبناءها؟! قال بأسًى: تاريخنا نفسه مهدَّدٌ بالإبادة، فى عالم بلا إنسانية؟!، ولا يعزِّيني أحيانًا أن أرى الشعب كالمسيح يحمل خطايا أمَّةٍ من الخاطئين ؟! فقال له: ينبغي أن تذكر لكل عصر أنبياءه.. نحن أنبياء هذا العصر.!

- حَدَجَه بنظرة ودِّيَّة وقال: ثمَّة مكانٌ لك؟ فأغمض جَفْنَيه دون كلامٍ، انبعث من أعماقه غضب، و في نبضه أمنية جنونيَّة للثأر.. وكأنَّها دفعة قوية نحو الانتقام تنفخ في أعماقه، شحن جوُّ التأهُّب لتلبية الإشارة، سأله عمَّا ينوي أن يفعل، فسأله بدوره: هل انتهينا حقٍّا؟!  لذلك أقول لك إنَّه لا بُدَّ أن نعمل.. نحمد الله، فلا زالت لدينا القدرة على العمل، لم يدرِ كيف يُعرب عن الغضب العام واستيائه؛ فما بالهم يتنكَّرون لنا؟! نحن نتلقى ضربةَ القلب وندفع ضريبة الدماء، والشعب فريسة للضربة الحزبية والسياسية والصراعات والخلافات الداخلية كموضوع الانقسام وفشل جهود المصالحة وحصارغزة وخلافة؟!

- كيف يمكن أن تُخرج شعبنا الفلسطيني من تحت نيران هذا العدو المتوحش الذي يستهدف البشر والحجر والشجر؟!. تحت حكم سلطات فاسدة انقسامية وتفتقد الشرعية، وليس لديها حل آخر؟ حكومات غير مسؤولة ولا ترى أبعد من مقاعد الحكم، ولا تفكر في قضية شعبك؟! تجهَّم وجهه لحظةً، وقد سكنت الضوضاء، ودار رأسُه ودارَت به أفكارٌ في سرعة، وحرَّك تيارُ الأسئلة علاماتِ استفهامٍ راسبةً في أعماقه.

 - فقال: هل تُدلِي لنا بما عندك من حقائق! همس صاحبه في أذُنه: مؤامرة .. مؤامرة صهيونية! وأقسم له بالدماء والقضية .. بالعيش والجرح أنه مخطط صهيوني؟! فقد امتدَّ طريق الانقسام والخراب والسيطرة  الحزبية والنصر الداخلي المظفر على الجوعى والمحاصرين، مُقفرًا حتى الفراغ الذي يحدُّه من ناحية البحر.

- فقال باستغراب: الكل يستعمل المكائد! ولكن ما تتطلبه مقاومة شعبنا هو حصن الوحدة الوطنية. فقال: هنا المواجهة وحصن من حصون المقاومة، و مَعْقل من معاقل الكفاح،.. هم يتكلَّمون ونحن نُضْرَبُ. هنا ثمَّة وَحْدة حقيقيَّة وقلب نابض،لا يُخمد النشاط وتطلعاته نحو الحرية والاستقلال. هذه الحرِّيَّة التي لم ينعم بها من قبل؛ وَضَحَتِ الصورة؟، لم يستغرب ذلك بطبيعة الحال، قال بهدوء: لا جدوى من الكلام، المهمُّ والجديدُ هو أنَّني قرَّرتُ.

- الثأر مُسكِّن طيِّب للآلام يفوق كلمات الإدانة والشجب والاستنكار و" التعريص" الدولي، تحيز و تضليل ومساواة بين المجرم والضحية؟!، فقال بحزن: لأنَّ خير البرِّ عاجله.. وهو على أيِّ حالٍ خير من الانتظار.. ليبتلَّ ريق اهل البلاد بالنصر القريب..ويجب أن تكون الكلمة الأخيرة لنا.

- دوى صوتى عنيفًا بعد ان ارتفع جناح السمراء صوب السماء كالرعد، سلاح و رصاص، وقبضةٌ من الصخر يكتب به فى النجوم، وينشر الشمس، بصوت يجلجل بين الجدران الغارقة في الصمت والظلام، ولا يذعن لدكتاتورية الحزبية المنقسمة المستبدة.

- انقضَّ على رءوس، ولا تقتل فيه جسدك، ولكن أجساد العابرون. فالرعب لهم، والمدينة الكبيرة تنفض النعاس في صمت السحر، وجاءه الرد كالصفعة ودرسًا لا يُنسَى. وعلاجًا ضروريٍّا لتخلص من القتلة، واكثر.. بل طعنة في العين.. أسفل رأسِ ميِّتٍ عَفِن.
 فقالوا: رفعت الهامات يا شهم الرجال. نحن رجال يا عرب ..والرجولة  نعمة كبرى.