هل إيقاف مشروع غاز EastMed يأتي لعدم نجاعته أم توسيعاً للخيارات الإسرائيلية؟

بي دي ان |

11 ابريل 2022 الساعة 03:25م

منذ بدء الحرب الروسية-الأوكرانية، ازداد الطلب العالمي على الغاز الطبيعي لدرجة تفوق العرض المقدم، الأمر الذي يزيد من ضغوطات على الاقتصاد العالمي ويهدد الأمن القومي لكثير من الدول. يلقي هذا المقال الضوء ليستكشف أبعاد قرار تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية بوقف دعمها لمشروع خط EastMed للغاز، وأنها في المقابل ستدعم مشروع مد كابل كهربائي يربط بين إسرائيل واليونان وقبرص في هذه المرحلة.
نبذة عن مشروع غاز ايست ميد EastMed:
بعد محادثات جرت عام 2015 بين إسرائيل وقبرص واليونان، اتفقت الأطراف الثلاثة على بناء خط غاز "إيست ميد"، على أن تنضم إيطاليا إلى الاتفاق في وقت لاحق. يبلغ طول خط هذا الخط حوالي 2000 كيلو متر، ويبلغ عمقه 3.3 كيلو متر وتكلفته 7 مليارات دولار تقريباً، وهو قادر على نقل ما يصل إلى 10 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً لأوروبا من احتياطات حوض شرق المتوسط قبالة قبرص وإسرائيل إلى اليونان وإيطاليا وغيرها. وفي الوقت الذي يعتقد فيه عدد من الخبراء أن هذا المشروع سيغير خريطة الطاقة في أوروبا وسيعينها على تنويع مصادر شرائها للغاز مما يحد من تعرضها لأي محاولة ابتزاز سواء من روسيا أو غيرها، تعيد الولايات المتحدة تأكيدها على عدم نيتها لدعمه، وعوضاً عن ذلك تعلن دعمها لمشروع مد كابل يربط بين إسرائيل واليونان وقبرص في هذه المرحلة، وتوافقها إسرائيل على ذلك.
 تجدر الإشارة أن الولايات المتحدة سبق لها مطلع العام الجاري، أن أعلنت عن وقف دعمها لهذا المشروع بسبب التوترات التي قد تنجم عنه في منطقة شرق المتوسط، كما ورد على لسان مسؤولين في البيت الأبيض آنذاك. من يومين، طفى إلى السطح ثانية الحديث عن إحياء مشروع خط غاز ايست ميد، لوجود نقص في إمدادات الغاز الروسية في الأسواق، وجرت لقاءات رفيعة المستوى بين مسئولين من الأطراف المعنية، وكانت النتيجة خروج الولايات المتحدة الأمريكية لتؤكد للمرة الثانية في أربعة شهور على عدم دعمها للمشروع، وعزت ذلك هذه المرة إلى عدم جدواه الاقتصادية. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى تصريحات وزيرة الطاقة المثيرة للجدل، حيث قالت "يمكن لمشاريع الغاز أن تنتظر في هذه المرحلة". 

الغاز مصدر طاقة  مهم حتى عام 2050:
بات العالم اليوم في حاجة إلى كمية أكبر من الغاز الطبيعي لتقاسمها، فالغاز يأتي ضمن أهم مصادر الطاقة التي تعتمد عليه عدة دول، خاصةً بعد تقليص المرافق العامة في كثير من الدول لاستهلاكها من الفحم، مما يساهم في إحداث حالة من الضغط الاقتصادي، ويتوقع أن تمتد أهمية الغاز حتى عام 2050. في سياق متصل، يساهم هذا الضغط الاقتصادي الناجم عن قلة عروض الغاز في رفع أهمية منطقة شرق المتوسط التي تعج بموارد الغاز الطبيعي القابلة للاستخراج وفي تركز الأنظار عليه أكثر وفي زيادة التفاؤل من إمكانية نقله إلى عدة أسواق، خاصة الأسواق الأوروبية، التي يشكل الغاز لها أهمية قصوى في تشغيل المصانع وتدفئة المنازل إلخ...، فمثلاً العام الماضي وحده، استورد الاتحاد الأوروبي 100 مليار متر مكعب من الغاز الروسي بما يمثّل 40% من احتياجاته من الغاز الطبيعي، وبعد المشاحنات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا بسبب الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، بدأ قادة الاتحاد الأوروبي يفكرون جدياً في تنويع مصادر شراء الطاقة، خشية التعرض لأي شكل من أشكال الابتزاز سواء من روسيا أو غيرها، وقد يصل الأمر إلى الاستغناء الكامل عن الغاز الروسي بحلول عام 2027.