عباس يلوح بسيف التفكيك

بي دي ان |

28 نوفمبر 2020 الساعة 09:12ص

بات من الواضح ان القائمة المشتركة تخضع لحملة شعواء من التحريض المباشر تستهدفها بالتفكيك. وهذا الإستهداف لا يقتصر على نتنياهو وزمر اليمين الصهيوني عموما والمتطرف خصوصا، وانما الكل الصهيوني مشترك في الحملة باساليب وعناوين مختلفة. كما انها تقع في عين العاصفة من داخل وخارج صفوفها، من كل المتضررين من وجودها في المشهد الإسرائيلي، ومن فلسطينيين يعتبرونها نقيضا لمصالحهم، ومواقعهم. بالإضافة للجوء نخب وقوى فلسطينية من داخل الداخل ولإسباب خاصة بحرف بوصلة الإختلاف مع ممثلي القائمة، ونقلها من الأبعاد العامة إلى الخاصة، حتى انحدروا نحو الشخصنة، والتهافت الذرائعي المرضي. وقبل هذا وذاك القوى المكونة لها تعاني من تناقضات عميقة، لم يحسنوا تحديد المشترك والمختلف عليه، وبالتالي فشل ممثلوها في صياعة رؤية عمل مشتركة، ولم يتمكنوا من وضع اليات لتنظيم الخلافات والتباينات فيما بينهم.
ورغم ان البعض يعتقد ان الخلافات نشبت في اكتوبر الماضي (2020)، بيد ان التناقضات موجودة منذ يوم تشكلها، وهي كظاهرة إجتماعية مشروع ومفهوم وجود التناقضات داخلها، لكن كل إئتلاف وتحالف تسعى قواه المنخرطة فيه إلى وضع اسس صحيحة ومنطقية لبنائه لحمايته، وفتح الأفق لتطوره مع بروز الأزمات. لكن من الواضح ان القائمة يبدو من التجربة الماثلة للعيان، انها فشلت في ذلك، والدليل انها تعاني من ازمة حقيقية، وليست ازمة عابرة او طارئة، ويعود السبب إلى طريقة تشكلها العاطفي والإنفعالي، وغير المدروس، والبعيد كل البعد عن التنظيم الحقيقي للإئتلافات. لذا جاء تفجر الأزمة عندما لم يتمكن رموزها من تجاوز ازمة إفشال التصويت على محاكمة نتنياهو، التي مررها النائب منصور عباس في الكنيست، لا بل انه فاجأهم جميعا بموقفه، اضف إلى ان ممثل الحركة الإسلامية الجنوبية، لم يتوقف عند حدود إنقاذ رأس رئيس الحكومة الفاسد من مقصلة المحاكمة، بل ذهب بعيدا للدفاع عنه، وتبرير جرائم حربه ضد الشعب العربي الفلسطيني، وحاول تمييع صورة التناقض والصراع مع اليمين الصهيوني المتطرف عموما وزعيم الليكود الفاسد خصوصا، بإعتبار ان رئيس الحكومة المتهم ب3 قضايا فساد، "رجل عقلاني وواقعي"، وهو المسؤول عن إدارة مؤسسات الدولة، وبالتالي المسؤول عن تطبيق القانون، وتامين مصالح سكان البلاد. بيد ان عباس تجاهل ان هذة الحقائق، لا تنفي وجود الف وسيلة وطريقة للتعامل مع مجرم الحرب لإنتزاع حقوق الجماهير الفلسطيبنية في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.
وما ان هدأت نسبيا الأزمة، حتى عاد منصور عباس إلى صدارة مشهد أزمة جديدة، القى بها في وجه نواب القائمة والكتل والقوى المشكلة لها يوم الأربعاء الماضي الموافق 25 نوفمبر الحالي (2020) على قناة (20)، والتي قال فيها "إذا سارت المشتركة على الطريق التي اعرضها، فنهاك فرصة لاستمرار وجودها، وعدم تفككها. وإذا كررت المشتركة نفس الأخطاء والمواقف، التي لا تحمل البشائر للمجتمع العربي، فإنها فقدت مبرر وجودها." ولا اريد ان اناقش لا من قريب او بعيد موضوع اليمين واليسار الصهيوني، لإنه بالمعني الدقيق للكلمة لا يوجد يسار صهيوني، لإن الصهيونية كنظرية "فكرية"، تقع في دائرة الفكر الرجعي، والعدواني، والتباين في إطار قواها السياسية شكلي ونفعي، وليس له علاقة بمفهوم اليسار عالميا. رغم ان وصف عباس نفسه بأنه يتفق مع القوى اليمينية الصهيونية، فيها خطيئة، وتساوق مع مرجعية المشروع الكولونيالي على حساب الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية المطلبية والسياسية والقانونية. ولا ادري ان كان النائب الإسلاموي يدرك ذلك ام لا.
وبالعودة للإقتباس أعلاه، اود ان اٍسأل الأخ منصور، من الذي منحك إستخدام حق النقض الفيتو على اقرانك في المشتركة؟ ومن هو الساذج ألذي يوافق على ذلك؟ انت جزء من إئتلاف، لا تملك حق التقرير في المسائل المشتركة، التي تهم المواطنين الفلسطينيين العرب، وانما عليك العودة للتشاور مع ممثلي الإئتلاف والإتفاق على القواسم المشتركة؟ اضف لذلك، على اي اساس تهدد بفرط التحالف؟ هل تملك التقرير عن القوى الأخرى؟ من حقك ان تقرر عن نفسك، وعن حركتك بالبقاء أو الخروج، ولكن ليس من حقك التقرير بمصير القائمة المشتركة، وليس مسموحا لك بكل المعاني السياسية والتنظيمية والقانونية التقرير نيابة عن قوى القائمة بمن في ذلك حلفاءك الأقرب في حركة التغيير. من المؤكد انت وحركتك تمثلون قطاعا من ابناء الشعب في داخل اسرائيل الإستعمارية، لكن لا تمثل مواطنا واحدا لا يرتبط معك ومع حركتك بصلة تنظيمية إلآ بمقدار انسجامك مع القوى الثلاثة الأخرى المشكلة للقائمة.
النائب منصور عباس، اقترح عليك مراجعة ذاتك، وتجربتك، وعد لحاضنة الشعب ككل اذا كنت معنيا وحريصا على بقاء القائمة المشتركة، وعليك ان تنزل عن شجرة الإستقواء بنتنياهو او غيره من قوى اليمين الصهيوني، وان تعود لجادة مصالح الحركة الإسلامية عموما، وليس مصالحك الشخصية والنفعية. انت مازلت في بداية الطريق، افتح القوس لتعميق العلاقات المشتركة، لا التلويح بفرط عقد القائمة. ولا تندفع كثيرا للسباحة في مستنقع ساكن شارع بلفور، لإنه سيلقي بك إلى التهلكة. إذا كان غير عابئٍ بمصالح المشروع الإستعماري الصهيوني، ويحصر كل اهتمامه في حساباته الشخصية والنفعية للبقاء في الحكم، هل تعتقد سيسأل عنك، ويحميك؟؟؟!! بالتأكيد انت صاحب القول الفصل فيما يتعلق بمكانتك، وبحركتك فقط.
[email protected]
[email protected]