ذكرى الإعلان 32

بي دي ان |

15 نوفمبر 2020 الساعة 03:39م

تحل ذكرى إعلان الإستقلال الفلسطيني اليوم الأحد الموافق 15 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي (2020) مع غروب شمس الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي عاث فسادا في الارض، ودمر عن سابق تصميم وإصرار ركائز عملية السلام، وضرب عرض الحائط بالقوانين والشرائع والمواثيق الدولية ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الصهيوني، وقاد بنفسه الحرب على الشعب العربي الفلسطيني، متقدما ومزاودا على قيادة الدولة الإستعمارية، هو وسفيره في إسرائيل الحاخام المستعمر، ديفيد فريدمان، وباقي عصابة المستشارين الصهاينة من كوشير إلى غير المأسوف على مغادرته، غرينبلات، وبديله بروكوفيتش، ووزير خارجيته، الأفنجليكاني، بومبيو.
والأخير سيقوم الإسبوع القادم بزيارة وداعية لدولة الإستعمار الإسرائيلية، في محاولة منه للترويج لبضاعته الفاسدة كمرشح محتمل في إنتخابات الرئاسة الأميركية للعام 2024، ولهذا سيقدم على جريمة غير مسبوقة في السياسة الدولية عموما والأميركية خصوصا، من خلال زيارته لمستعمرة بساغوت المقامة على اراضي محافظة رام الله البيرة، العاصمة المؤقتة لفلسطين المحتلة لحين تحرير القدس العاصمة الأبدية، وكأنه يؤكد من الآن لليمين الصهيوني المتطرف ولكل الفسيفساء الصهيونية الإستعمارية، انه في حال فاز لاحقا في  الرئاسة، سيتجاوز ما فعله دونالد ترامب. وبدل ان يتعظ، ويعيد حساباته هو ورئيسه المهزوم، ذهب إلى إرتكاب جريمة حرب جديدة عنوانها تعميد الإستيطان الإستعماري بالممارسة، وليس بالمواقف، وإعطاء الضوء الأخضر لحكومة نتنياهو الفاسد بمواصلة عملية الضم للأرض الفلسطينية، انما بتكريس ذلك.
مع ذلك ياتي إعلان الإستقلال الفلسطيني، الذي شرعته الدورة ال19 للمجلس الوطني الفلسطيني عام 1988 في الجزائر الشقيق، ولعنة الشعب الفلسطيني تطارد المنبوذين الأفنجليكان المتصهينيين والصهاينة المستعمرين جميعا من تاجر العقارات إلى الحاخام إلى بافي العصابة المتورطة في جرائم الحرب مع حكومة القاطن في شارع بلفور على منظمة التحرير وقرارات الشرعية الدولية وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وعلى حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم الأم وفقا للقرار الدولي 194.
ذهبوا جميعا إلى غير رجعة، وهزموا شر هزيمة في الإنتخابات الرئاسية في الثالث من نوفمبر الحالي، وكأن الله جل جلاله والتاريخ شاؤوا رد الصاع صاعين لهم على جرائمهم ووحشيتهم، وبؤس مآلهم ومصيرهم، وبقي الشعب العربي الفلسطيني على ارض وطنه الأم فلسطين. وهو اليوم يحتفي بذكرى إعلان إستقلاله النظري، والذي سيرى النور عما قريب.
ولا اقصد بذهاب عصابة ترامب، ان القيادة الأميركية الجديدة برئاسة بايدن ستختلف بالجوهر. لا سيما وان الرؤية الاستراتيجية الأميركية ترتكز إلى محددات الدولة العميقة، ومصالح الولايات المتحدة العليا. بيد ان هناك تمايزا لا يجوز ان نغفله، او نقفز عنه بين الإدارتين. وفي السياسة لا يوجد اسود وابيض فقط، انما تحتمل كل الألوان، وعلى القيادات السياسية التعامل معها جميعا بما يخدم اهدافها وتوجهاتها. لإن إعتماد منطق الخلط، ووضع الجميع في سلة واحدة دون تمييز، فيه قصور نظر، وتغييب للحكمة السياسية، وإغفال متعمد لموازين القوى، وإخضاع الذات الوطنية لإسقاطات رغبوية شعبوية فاقدة الأهلية.
نعم سيذكر التاريخ ذكرى إعلان الإستقلال هذا بشكل مميز نسبيا لإنه إقترن بهزيمة الرئيس المتغطرس، والمعادي للسلام، ورفع سيفه عن رقبة الشعب الفلسطيني. ورغم بقائه في الحكم لسبعين يوما قادمة، قد يرتكب فيها من الحماقات ما لا يخطر على البال، إلا انه خرج من الميدان السياسي الفعلي بالعنى الدقيق للكلمة، حتى لو شن حربا هنا وحربا هناك، وارسل وزير خارجيته ليعمد الإستعمار الصهيوني الإستيطاني، فإنه ماض إلى مآله الأخير، والذي اعتقد انه سينطوي على ذاته، كما حصل مع مناحيم بيغن عام 1982 بعد فشله في إجتياح لبنان آنذاك، وعدم تمكنه من تصفية منظمة التحرير الفلسطينية، إلى ان يرحل عن الدنيا مهزوما.
بقيت فلسطين شعبا وقيادة ومشروعا وإعلانا إلى ان يتم التحرير كاملا وفق خيار السلام، وتقام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين وفقا للقرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لإبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، ورحل ترامب وزبانيته. وكل عام والشعب بخير.
[email protected]
[email protected]