المستوطنون يغتالون لقاء العقبة

بي دي ان |

27 فبراير 2023 الساعة 05:39م

المشرف العام
يومان مرا على ذكرى (مذبحة الحرم الإبراهيمي) والتي نفذها باروخ جولدشتاين في مدينة الخليل الفلسطينية بتاريخ (25/ فبراير 1994)، والتي نفذها بتواطؤ من قبل عدد من المستوطنين والجيش بحقِّ المصلين فجر جمعةِ ذلك اليوم، والتي راح ضحيتها (29) شهيداً و(150) جريحاً من المصلين الذين كانوا يؤدون الصلاة حينها. 
ذات الإجرام وذات الوحشية ترتكب من قبل المستوطنين الذين لم يأتوا اليوم بفعل إجرامي طاريء، أو شاذٍ على نهجهم، إرهابٌ منظمٌ، ممنهج ذات السيناريو يعاد مرةً ثانيةً بتغطيةٍ وحماية من الجيش. 
لم يجهل أيُّ فلسطيني مهما صغر عمره، أو عربي لديه القليل من الوعي، أو غربي لديه القليل من الموضوعية، أنّه لا يمكن بأيّ حالٍ من الأحوال أن يكون هناك سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ولا يمكن التعايش معًا على ذات الأرض وذات البقعة الجغرافية التي لا تحتمل متناقضان على الإطلاق، ليس ذلك وحسب فهنا استحالة العيش بين مستعمرٍ إحلالي مغتصبًا للأرض وبين شعبٍ تمّ احتلاله وسرقة أرضه، بالتالي هذا يأخذنا إلى ضرورة إدراكنا بالطريقة الأنجع في معاملة هذا الاحتلال، وعدم تصديق أياً من وعوداته وكذبه، فمنذ احتلال إسرائيل لفلسطين لم ولن تتغير سياسية الاحتلال الإحلالي، لأنّ لديه خطة للاستيلاء على الأرض، وضمّ الأراضي الفلسطينية وسرقتها، وتهجير الشعب الفلسطيني عن دياره بالطرق الناعمة والخشنة، ولعل من المهم هنا أن نعرج على لقاء العقبة الذي انعقد في مدينة العقبة الأردنية بمشاركة أطراف فلسطينية وإسرائيلية وإشراف أمريكي، مصري، أردني، والذي لاقى معارضة كبيرة من أغلب الطيف الفلسطيني، وقد بررت السلطة الفلسطينية مشاركتها بالقمة من باب وقف إراقة الدماء الفلسطينية ووضع حدًّا للمستوطنين وهجماتهم على المواطنين بوجود شهود عيان على الاتفاق. 
وفي هذا السياق ممكن القول أن مثل هذا الاتفاق لا أظن أن يكتب له النجاح لعدة أسباب، وأعمها:
 أولا: الحالة الفلسطينية ليست بخير على الإطلاق في ظلِّ انقسامات ووضع داخلي هشّ.
ثانيًا: المشهد الفلسطيني يبدو مشتتًا مابين البرنامج السياسي والكفاحي الأكثر نضالية في ظلِّ كثرة الاعتداءات الإسرائيلية وتدحرج الوضع ككرة الثلج، ونفاذ صبر الفلسطيني لمًا يواجهه من إجرام المستوطنين والجيش معًا. والأهم من ذلك أن الإسرائيليين بكل الأحوال لن يقبلوا إلا بما يضمن أمنهم وحماية مستوطنيهم على حساب الدم الفلسطيني دون أي نقاش. 
أضف إلى ذلك أنّ الطرف الأمريكي هو طرف منحاز لإسرائيل تمامًا وسيكون متحدثًا باسم دولة الاستعمار بشكلٍ أو بآخر، أما بخصوص الوفد المصري والأردني فعلى الرغم من دورهم ورغبتهم في دعم حقوق الشعب الفلسطيني إلا أنَّهم لن يتمكنوا بفرض أي شروط أو ضمانات، لأنَّ إسرائيل ضربت ومازالت عرض الحائط بكلّ المواثيق والأعراف الدولية، بالتالي ستمارس ذات الأداء بلا أي رادعٍ. 
لاشك أن إسرائيل قلقة للغاية من انفجار الأوضاع بالضفة الغربية وتخشى أن تمتد وتفقد السيطرة على الأمور، هذا ما جعلها تهرع وتبحث وتضغط بكلّ السبل للعمل على تهدئة الأوضاع بوعود كاذبة، ودون تحقيق أيٍّ من الشروط التي يمكن أن تعرض عليها ولا أقول هنا (تفرض عليها) لأنّ إسرائيل لم تلتزم سابقًا كي تلتزم الآن وهي في ظلِّ أسوأ حكومة يمينية على الإطلاق، ولعلَّ ما أقدم عليه المستوطنون ليلة أمس من حرق بيوت الفلسطينيين ومركباتهم وقتل وجرح المئات والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، أكبر دليلٍ على أنه لا يمكن أن تلتزم إسرائيل بأي اتفاق كما أنّه لا يوجد أي ضامن لها.
لقد أغتال المستوطنون في حوارة اتفاق العقبة قبل أن يولد، بالتالي بات على الفلسطينيين العودة إلى بيتهم الداخلي لترتيبه جيدا، والعودة للشعب الفلسطيني صاحب التضحية ليكون معًا بجانب صانع القرار الفلسطيني كونه شريكًا في الدم، وقد يحسن صنعًا الرئيس أبو مازن إذ يدعو لاجتماعٍ طارئٍ لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ودعوة للفصائل الفلسطينية التي تدلي بدلوها عن بعد على الأغلب، لتتحمل مسؤوليتها تجاه مرحلة هي الأخطر في تاريخ شعبنا الفلسطيني، إضافة لشخصيات وطنية وازنة، لتقييم الوضع الراهن ووضع برنامج وطني قادر على مواجهة المرحلة بكلِّ تعقيداتها.
طالبنا سابقًا ونكرر المطالبة بتشكيل لجان أو فرق من الكلِّ الفلسطيني لمواجهة قطعان المستوطنين.
وأخيرًا لابدَّ من العمل على جسر الهوة بين مختلف فئات شعبنا الفلسطيني وإعادة الثقة قدر المستطاع كما هو مطلوب إنهاء الانقسام ليلتحم شطري الوطن وليكون الوطن كاملاً أمام مواجهة أخطر حكومة يمينية متطرفة، على شعبنا وقضيتنا.