سيناريوهات ما بعد العطلة

بي دي ان |

29 ابريل 2022 الساعة 02:01م

بعد أيام قليلة اقل من أصابع اليد الواحدة، ومع مطلع أيار / مايو القادم تنتهي عطلة الكنيست الإسرائيلية، التي بدأت مع منتصف شهر اذار / مارس الماضي، وتعود درجات الحرارة للارتفاع في أوساط الموالاة والمعارضة الإسرائيلية مع إمكانية طرح الثقة بحكومة التغيير بقيادة نفتالي بينت، ويترافق ذلك مع التصعيد في القدس العاصمة الفلسطينية عموما وحوضها المقدس خصوصا، والذي يحمل في ثناياه تداعيات وسيناريوهات عدة، منها أولا بقاء حكومة الائتلاف، رغم فقدانها الأغلبية بعد انسحاب النائب عيديت سيلمان؛ ثانيا انهيار الحكومة في حال انسحب أي نائب جديد من الائتلاف، وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة عضو كنيست من الائتلاف، اما برئاسة لبيد، او برئاسة غانتس الاوفر حظا؛ ثالثا الذهاب لانتخابات جديدة مع عودة وبقيادة نتنياهو ودعم التيارات الأكثر تطرفا وفاشية؛ رابعا في حال عودة الوئام بين القوى الفلسطينية بمختلف مشاربها تحت يافطة وعنوان القائمة المشتركة وحصولها على 15 نائبا او اكثر ستعود دورة المراوحة والذهاب لصناديق الانتخابات في دورات متلاحقة مع فقدان اليمين الصهيوني المتطرف إمكانية تشكيل حكومة، وعدم تمكن ما يسمى ب"اليسار" والوسط الصهيوني من الحصول المقاعد التي تؤهله لتشكيلها ايضا، ويصبح النواب الفلسطينيون العرب بيضة القبان مجددا، وبالتالي اللوحة حتى اللحظة ضبابية وغامضة، ولا يمكن الجزم بما سيكون الوضع عليه في اسرائيل.
حكومة بينت / لبيد ادعت انها حصنت خلال الأسابيع الماضية قاعدتها الائتلافية، وحسب ادعاء رئيس الحكومة ونائيه لا خشية على الائتلاف. لا سيما وان القائمة العربية الموحدة بزعامة منصور عباس وعدت بعدم الانسحاب منه، رغم تجميد عضويتها مؤقتا، والذي ينتهي مع عودة الكنيست للعمل. كما يفترض زعماء الائتلاف القائم على نقطة ارتكاز واحدة عنوانها، عدم عودة نتنياهو للحكم. ولكن البيع والشراء في الكنيست لا تضبطه مبادئ ولا قيم ولا اتفاقات موقعة، وبالتالي ما صرح به بينت ولبيد ليس اكثر من تطمين للذات ولاعضاء الائتلاف المرتجف من بعبع الحاوي نتنياهو.
لكن حسابات الرياح لسفن الائتلاف المهزوز والمربك، قد تأتِ بما لا تشتهيه، وتعصف رياح التغيير مع اشتداد التصعيد الاجرامي في القدس وعموم الضفة الفلسطينية، لان الحكومة لا تملك امام جملة الازمات التي تعاني منها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا سوى التصعيد ضد أبناء الشعب الفلسطيني لنقل الصراع للخارج، للتغطية على عجزها، واسكات اليمين المتطرف مع إقرار مشاريع قوانين تخدم عمليات تعزيز وتوسيع الاستيطان الاستعماري في النقب والضفة عموما والقدس خصوصا، وعلى حساب العلاقة مع كتلة "راعم" والفلسطينيين عموما في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، وعلى حساب عملية السلام والفلسطينيين عموما، وللتخفيف من حرج منصور عباس وشركائه في القائمة الموحدة، قد يتم تقديم فتات من الرشاوي لتطويق انسحاب مازن غنايم او وليد طه او للتخفيف من حدة التناقضات داخل الحركة الإسلامية الجنوبية.
لكن كل ذلك لن يحول دون مواصلة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو، زعيم الليكود والمعارضة في آن من تقديم مشاريع اقتراحات بهدف اسقاط الحكومة بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة. لان رئيس الحكومة السابق معني بشكل شخصي لاستعادة زمام الحكم للالتفاف على قضايا الفساد التي تلاحقه، وتطويق الاتهام الجديد بقضية الفساد في ملف الغواصات. وحتى قوى الموالاة ستتحرر من القيد او الشرط الذي وافقوا عليه مع تشكيل الحكومة قبل احد عشر شهرا، الذي ينص على عدم تقديم أي من اطرافه مشاريع اقتراحات لمدة عام، يكون انتهى مع مطلع حزيران / يونيو القادم، وبالتالي قد يفتح شهية بعض القوى السبعة من تقديم مشاريع قوانين خلافية تعطل دورة الحياة والتواصل بين مكوناتها.
ولا اعتقد ان منصور عباس وقائمته يستطيع الصمود في الائتلاف طويلا في حال تصاعد حدة العنف والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في داخل الداخل او في الضفة الفلسطينية وفي مقدمتها القدس العاصمة او على جبهة غزة او على جبهة الشمال، لاكثر من سبب، أولا لانه فقد نسبة عالية من أوساط الفلسطينيين المؤيدين للحركة الإسلامية الجنوبية وكتلة "راعم"؛ ثانيا لبروز تناقضات حادة داخل اقطاب الحركة وتياراتها، وداخل القائمة، وبالتالي سيكون مرغما للانسحاب للتغطية على الواقع البائس الذي وصل اليه، ولحماية ما تبقى من رصيد.
وهنا في حال سقط الائتلاف الحاكم، وقررت الكنيست الذهاب للانتخابات، ولاعادة الاعتبار للذات في أوساط أبناء الشعب الفلسطيني، قد يقبل عباس العودة لحاضنة القائمة المشتركة، واذا تم ذلك، وحصلت الانتخابات قبل نهاية العام الحالي او مع مطلع العام القادم، وتم التحشيد جيدا، فإن القائمة المشتركة يمكن ان تفوز بأكثر من خمسة عشر مقعدا. مما يعيد الاعتبار أولا لدور الجماهير الفلسطينية كرقم صعب في المعادلة الإسرائيلية، ويحول دون صعود نتنياهو للحكم ما لم يمر عبر الممر الاجباري ودفع فاتورة واستحقاق البرنامج السياسي للقائمة المشتركة بما في ذلك الانخراط التكتيكي في ملف السلام مع قيادة منظمة التحرير، وهو ما يعني انه قد يتخلى عن سموتريطش وبن غفير، ان لم يتمكن اليمين المتطرف من تشكيل الحكومة. اضف إلى ان كل من لبيد، زعيم "هناك مستقبل" وبني غانتس، زعيم "ازرق ابيض" قد يحققا نتائج تسمح لهما بقطع الطريق على نتنياهو، ويلجأوون مجددا للتعاون مع القائمة المشتركة، وبالتالي يبقى نتنياهو في زوايا النسيان، وانتظار السجن او المساومة والانسحاب كليا من الساحة السياسية.
باختصار شديد كل السيناريوهات مفتوحة، وقابلة لرؤية النور وفق معادلات التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية في الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية والضغوط الدولية المتلازمة مع الحرب العالمية الجارية في أوكرانيا.
[email protected]
[email protected]